حسام ردمان

حسام ردمان

تابعنى على

ما هو الإنجاز في قصف مجموعة من القيادات السياسية المجتمعة في مقيل؟!

منذ ساعة و 52 دقيقة

 لا هي غرفة عمليات عسكرية عابرة للحدود، ولا هي الحلقة الضيقة من القيادات الحوثية، ولا حكومة الحوثي هي مركز صناعة القرار، ولا مثلت هذه العملية مقدمة لتقويض البنية التحتية العسكرية للجماعة.

ومن الواضح أن غاية المقتلة الإسرائيلية لحكومة الحوثيين ليست استراتيجية بل سياسية، وأن هدفها ليس الردع بل الاستدراج.

ومع ذلك ثمة الكثير من المنبهرين بالعملية الأخيرة، والذين بنوا تقديراتهم انطلاقاً من افتراضين:

أولاً اعتبار أن تركيز إسرائيل على استهداف البنية التحتية المدنية سابقاً كان يعكس تحصيناً أمنياً حوثياً جرى اختراقه في آخر عملية.

وفي حقيقة الأمر، تل أبيب كانت تفعل ذلك لأنها تريد الضغط على المجتمع الدولي والعربي للانخراط بشكل جماعي في تحالف لضرب الحوثيين، وهو ما ظل نتنياهو يطالب به عقب كل جولة تصعيد (تخيلوا إسرائيل أصبحت تطالب العالم بمكاسب مقابل إنهاء خطر الحوثي بدلاً من تقديم تنازلات.. إنها عبقرية محور الممانعة!).

والأهم هو أن إسرائيل اكتفت بوقف نمو الحوثي عبر حصار اقتصادي بحري وجوي لكنها لم ترغب أبداً في وقف عملياتهم.

ثانياً، الافتراض بأن إسرائيل تفاجأت بخطورة الحوثي في نوفمبر 2023، لذا لم تعد ما يلزم لمواجهته، وفي الحقيقة الحوثي نفسه كان يقول لتل أبيب أنا خطير منذ ما قبل طوفان الأقصى ولا بد أن نذّكر بالعرض العسكري الذي كان في سبتمبر 2023 والذي أعلن فيه عن صواريخ تبلغ مداها إسرائيل. وقبل ذلك بسنوات استعرض الحوثي مسيّراته القادرة على بلوغ تل أبيب.

ويكفي العودة لأرشيف مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي للتأكد بأن الحوثي صُنف كتهديد حيوي منذ 2020، ومن حينها جرى رصد الموارد الاستخباراتية والعسكرية لردعهم. وفي العام 2021 قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن بلاده تتوقع هجوماً إيرانياً من اليمن أو العراق.

إذن ليس صحيحاً أن تل أبيب لم تمتلك القاعدة المعلوماتية وبنك الأهداف الكافي في اليمن، ولهذا السبب ليس صائباً اعتبار الهجوم الأخير بمثابة تحول نوعي.. 

عملية إسرائيل الأخيرة يمكن وصفها بـ"الكبيرة والعادية"؛ هي كبيرة من حيث الكم فهي لا تشبه ما سبقها في اليمن، لكنها عادية من حيث الكيف فهي لا ترقى إلى مستوى العمليات النوعية في لبنان أو إيران التي أصابت حزب الله والحرس الثوري بحالة شلل استراتيجي وفراغ قيادي.

حتى الآن إسرائيل لم تقرر الانخراط في مواجهة استخباراتية-عسكرية مفتوحة مع الحوثي، وما زالت تلاعبه وفق قواعد اشتباك متدرجة.. 

الأمر المهم الذي يقوله هجوم صنعاء الأخير، هو أن إيران التي بادرت إلى إشعال الجبهة اليمنية لم تعد هي من تضع قواعد الاشتباك.

وأن تل أبيب -وعلى الأقل منذ العام 2025 - صارت المتحكم بإيقاع المواجهة في الساحة اليمنية وهي من تعيد ضبطه بما يخدم مصالحها الاستراتيجية ويمكنها من صناعة الذرائع السياسية لشرعنة حضورها طويل الأمد في اليمن والبحر الأحمر، ولمواصلة حربها في غزة واستئناف حملتها ضد إيران.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك