الخليط المدمر: الجماعة التي جمعت بين الفاشية والنازية والإرهاب الديني

الخليط المدمر: الجماعة التي جمعت بين الفاشية والنازية والإرهاب الديني

السياسية - Wednesday 06 August 2025 الساعة 07:17 pm
نيوزيمن، كتب/همدان العليي:

في 18 يوليو الماضي، شاركت بورقة بعنوان "العنصرية والإبادة الثقافية في اليمن"، ضمن فعاليات اليوم الثقافي اليمني التي نظمتها الجمعية اليمنية للثقافة والاندماج في مدينة سالزبورغ - النمسا.

وعقب الندوة، دار نقاش مع السياسية النمساوية هادفج روتشيدل والصديق الطبيب والأديب الدكتور مروان الغفوري الذي أضفى على الحديث بعدا تحليليا ثريا كعادته، تناولنا فيه مضامين الورقة، لا سيما مقاربتي بين الحوثية في شبه الجزيرة العربية والنازية في أوروبا.

وخلال النقاش، اقترحت السيدة روتشيدل بأن أحرص على ذكر ممارسات الحوثيين من خلال منظور الفاشية، باعتبارها إطارا أشمل للأنظمة الشمولية الاستبدادية، ورأت أن مقارنة الحوثية بالفاشية قد يكون أكثر دقة في توصيف الجريمة الممنهجة من الاقتصار على النموذج النازي كما ورد في ورقتي.

هذه الملاحظة القيمة جعلتني أبحث أكثر عن الفاشية، وعلاقتها بالنازية، ومقارنتها بالحوثية في اليمن، لاسيما وأنا حاليا أنجز كتابا عن العنصرية السلالية في اليمن ومقارناتها مع عنصريات كانت في دول مختلفة.

الفاشية نظام شمولي استبدادي قائم على تمجيد الدولة والقائد ورفض النظام الديمقراطي وقمع الحريات مع عسكرة وسحق المجتمع وفرض الولاء الكامل للنظام. ظهرت الفاشية في إيطاليا مع صعود بينيتو موسوليني إلى الحكم سنة 1922، وكان هدفها استعادة أمجاد الإمبراطورية الرومانية وبناء دولة قومية.

أما النازية، فقد جاءت لاحقا، وتحديدا مع صعود أدولف هتلر في الحزب النازي (حزب العمال القومي الاشتراكي الألماني) ثم استلامه الحكم عام 1933. ومن حيث الشكل والبنية السياسية والوسائل، يمكن القول بأن النازية في ألمانيا تطابقت مع الفاشية فيما يخص الدولة الشمولية والزعيم الذي يجب أن يُطاع بشكل مطلق والعداء للديمقراطية، والرغبة المستمرة في التوسع العسكري والاستخدام المكثف للبروباغندا والإعلام وتقديس الزعيم، وغيرها من القناعات والوسائل التي استخدمتها الفاشية والنازية، حتى أن هتلر أشار في كتابه "كفاحي" إلى إعجابه بما فعله موسوليني، ووصفه بأنه عمل بطولي ملهم. لكن من حيث الجوهر الأيديولوجي والعقيدة التي قامت عليها النازية، فالأخيرة ليست مجرد تطور للفاشية، بل هي تحول نوعي أكثر تطرفا وعنفا ودموية، لأنها تقوم على أساس عنصري يقدس العرق الآري ويقصي بل يقضي على الأعراق الأخرى، وهو ما لم تفعله الفاشية إلا بعد تحالفها السياسي والعسكري مع النازية في الحرب العالمية الثانية وتحديدا 1936 وقد سُمي حينها بمحور (روما – برلين).

تقول بعض المصادر، بأن الفاشية الإيطالية لم تكن معادية صراحة لليهود في بداية الأمر، وكان هناك يهود يؤيدون الفاشية ويشغلون مناصب في الحزب الفاشي نفسه، حتى أن موسوليني نفسه لم يكن كارها لليهود كما هتلر، لكن عقب التقارب مع النظام النازي، وتحديدا في عام 1938، أصدرت الحكومة الإيطالية الفاشية "قوانين العرق"، والتي تأثرت بشكل مباشر بالأفكار النازية. حيث منعت اليهود من العمل في القطاع العام بما فيها المدارس والجامعات وحظرت الزواج منهم، ومنعتهم من الالتحاق بالجيش أو التدريس وفرضت قيودا اقتصادية وتعليمية عليهم.

إذن، يمكننا اعتبار النازية تطورا للفاشية من حيث الشكل والتنظيم والأدوات والدوافع العامة، لكن الحقيقة أنها تختلف في المضمون الأيديولوجي نظرا لمركزية البعد العرقي ولجوئها للتطهير في مشروعها، وهو الأمر الذي تورطت به الفاشية في سنواتها الأخيرة ولو بنسب أقل توحشا ودموية.

وفي ضوء هذه الخلفية التاريخية الموجزة للفاشية والنازية، يقف أمامنا سؤال جوهري: أين تقع الحركة الحوثية ضمن هذا الإرث الدموي العالمي؟

محاولة الإجابة عن هذا السؤال تفرض علينا إجراء مقارنة سريعة بين أبرز مضامين الأيديولوجيا والممارسات الحوثية ونظيرتيها الفاشية والنازية، رغم اختلاف السياقات الزمانية والثقافية والدينية والعرقية.

تشترك هذه الحركات المتطرفة الثلاث في النزعة الشمولية والعنصرية والعنف الممنهج كوسيلة لإخضاع المجتمع، إلا أن جماعة الحوثي، في واقع الأمر، تعتبر أكثر تطرفا وخطورة، كما يتضح من المقارنة التالية:

النشأة:

- الفاشية تأسست بعد الحرب العالمية الأولى في مارس 1919 وظهرت ووصلت إلى السلطة في أكتوبر 1922 وقد سقطت في أبريل 1945، أي أن الشعب الإيطالي بقي يعاني من الفاشية حوالي 23 سنة.

- تأسس الحزب النازي في فبراير 1920، وعين هتلر مستشارا لألمانيا في يناير 1933، وقد انهارت النازية في مايو 1945، أي أن حكم النازية لم يتجاوز 12 سنة.

- أما الحوثية، فرغم أن ظهورها التنظيمي السري يعود –ظاهريا- إلى عام 1992 بقيادة حسين بدر الدين الحوثي، ثم نشاطها العسكري في 2004، واستيلائها على العاصمة صنعاء في 2014، فإنها في جوهرها ليست ظاهرة حديثة، بل امتداد مباشر لعقيدة سلالية عنصرية قديمة في اليمن.

تعود جذور العقيدة الحوثية إلى أكثر من 1200 عام، حين قدم يحيى الرسي -الذي ينتمي إليه زعيم الحوثيين سلاليا- إلى اليمن على رأس جيش من طبرستان (منطقة في إيران حاليا)، مدعيا أن النبي محمد منحه حكم اليمن له وذريته إلى يوم القيامة. ومنذ ذلك الحين لم يستقر اليمن، حيث شهد موجات متعاقبة من الثورات والحروب، كانت في جوهرها رفضا لهذه الفكرة العنصرية التي تحتكر الحكم والحق الإلهي في سلالة بعينها جاءت من خارج اليمن لتستعبد بقية اليمنيين.

الأساس الفكري:

- الفاشية قومية على أساس تمجيد الدولة والحزب.

- النازية قومية إضافة إلى عنصرية عرقية (استعلاء العرق الآري).

- الحوثية عرقية دينية إمامية، قائمة على نظرية الولاية والاصطفاء الإلهي لسلالة "آل البيت".

السلطة:

- ترى الفاشية بأن الدولة فوق الجميع، وتعادي الديمقراطية واستهدفت الشيوعية وكثير من المكونات إيطاليا.

- ترى النازية العرق الآري فوق الجميع، وتعادي الديمقراطية.

- ترى الحوثية "آل البيت" فوق الجميع، وتعادي الديمقراطية وتعبرها بدعة غربية.

نظام الحكم:

- نظام الحكم في الفاشية دكتاتوري قومي لا يؤمن بالتعددية، ومن يحكم هو الحزب الفاشي.

- نظام الحكم في النازية دكتاتوري عنصري (عرقي) لا يؤمن بالتعددية ويستهدف ويجتث العرقيات الأخرى، ومن يحكم هو الحزب النازي.

- نظام الحكم في الحوثية ثيوقراطي عنصري (سلالي) يقصي كل المكونات اليمنية، ومن يحكم هم جماعة "أنصار الله"، بزعم أن الله قد اختارهم لحكم اليمنيين بل وكل المسلمين.

الموقف من العرق والنسب:

- لم تقم الفاشية على الاعتقاد بالتميز العرقي، لكنها كانت تمارس القمع السياسي.

- كان البعد العرقي محوري وأساسي في النازية، وكانت بناء على ذلك تمارس إبادة عرقية وثقافية ضد العرقيات الأخرى مثل اليهود والغجر والسود وغيرهم.

- البعد العرقي محوري وأساسي في الحوثية، فالهاشميين من آل البيت هم "أصحاب الحق الإلهي" في الحكم والمال والجاه، ولهذا تنفذ عمليات قتل واسعة واقصاء طائفي وسياسي واسع وإبادة ثقافية، ومن لا يقبل بمعتقدها يُوصَف بأنه منافق وكافر وملحد وخائن وعميل ومرتزق وصهيوني وكل تهمة من هذه التهم يستحق صاحبها القتل في نظرها.

نشر الأيديولوجيا:

نفذت الفاشية والنازية والحوثية ما يمكن وصفه بـ "الإبادة الثقافية" كوسيلة من وسائل السيطرة وإخضاع المجتمع وإن كان بنسب مختلفة. وقد استخدم الجميع الإعلام والدين والمدارس والفن والقتل والتهجير والترهيب والترغيب وكل الوسائل لنشر معتقدهم وإبادة معتقدات المكونات الأخرى الدينية والسياسية وغيرها.

جميع هذه الحركات قامت بتدمير الرموز الثقافية والدينية، وفرضت ثقافة وهوية خاصة بها، ومنعت التعبير عن الانتماء التاريخي أو الديني أو العرقي، وغيرت المناهج الدراسية وقضت على المفكرين والمثقفين والاكاديميين والمدرسين ورجال الدين الذين لا ينتمون إليها.

الاقتصاد:

- اقتصاد الفاشية مركزي قومي.

- اقتصاد النازية مركزي قومي وقائم على سرقة اليهود وبقية المخالفين.

- اقتصاد الحوثية قائم على الجباية والاستيلاء على أموال وأملاك اليمنيين ومصادرة أملاك الخصوم بذرائع دينية وعسكرية واقتصادية مختلفة، وكذلك أخذ خمس الثروات والتهريب وتجارة المخدرات والابتزاز الاقتصادي والسيطرة على مقدرات الدولة في المناطق التي يسيطرون عليها، ونهب المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية لليمنيين.

السياسة الخارجية:

- كانت الفاشية عدائية تجاه الخارج، لكن رغبتها في التوسع محدودة.

- كانت النازية عدوانية ولديها رغبة في التوسع والسيطرة على أنحاء أوروبا.

- الحوثية كذلك عدوانية ولديها طموح قديم/جديد متمثل في السيطرة على الدول العربية والإسلامية بداية المملكة العربية السعودية التي تتواجد فيها مقدسات المسلمين مكة والمدينة المشرفة كونهم يعتقدون بأن سلالة "آل البيت" أصحاب الحق السماوي في حكم هذه البقاع وهذا توجه المنظومة الخمينية في الشرق الأوسط بقيادة النظام الإيراني.

العنف:

- استخدمت الفاشية العنف المفرط ضد المخالفين لها عبر ما كان يتم وصفهم بـ "مليشيات القمصان السوداء"، وتم تسميتهم بـ"الفرق الفاشية للعمل"، ثم "الميليشيا الطوعية للأمن القومي"، وقد ارتدوا قمصانا سوداء ترمز للقوة والعنف والموت لإرهاب المخالفين لهم.

- استخدمت النازية "كتيبة العاصفة" وقد تم تسميتهم بـ "القمصان البنية"، وكانت مهمتها إرهاب خصوم النازية وتنفيذ عمليات قتل وتنكيل بهم، ثم أنشأت "وحدات SS" (شوتزشتافل)، التي نفذت جرائم الإبادة الجماعية لاحقا.

- تستخدم الحوثية "المشرفون"، واللجان الشعبية واللجان الثورية وكتائب الزينبيات (التي ذكرتها تقارير الأمم المتحدة كواحدة من المكونات الحوثية التي ارتكبت جرائم بشعة ضد النساء)، كذلك الأمن الوقائي وكتائب الحسين وفرق الموت الحوثية وغيرها من التشكيلات التي تنفذ الجرائم ضد اليمنيين بشكل ممنهج.

الإبادة والتطهير:

- لم تنفذ الفاشية جرائم إبادة جماعية.

- نفذت النازية جرائم إبادة جماعية لليهود وغيرهم.

- تنفذ الحوثية جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والطائفي والمناطقي كما تمارس التجويع وتفجير المنازل وزراعة ملايين الألغام وسياسة التهجير الممنهج.

تجنيد الأطفال:

- الفاشية لم تكن تهدف إلى الدفع بالأطفال إلى المعارك، لكنها كانت تعمل على بناء جيل يحمل العقيدة الفاشية للمستقبل من خلال اخضاع الأطفال لدورات تثقيفية، إلا أن انهيار النظام خلال (1943–1945)، دفعهم إلى استخدام بعض الأطفال كجنود اضطراريين وبشكل محدود جدا.

- النازية لم تقم بتجنيد الأطفال والدفع بهم إلى جبهات القتال في بداية نشأتها، ومنذ السيطرة على ألمانيا في 1933 حتى 1943، قامت بإعدادهم عقائديا وعسكريا للمستقبل عبر منظمة "شباب هتلر"، وليس كمقاتلين مباشرين. وفي عام 1943، أنشأت النازية وحدات عسكرية استخدم الأطفال كمقاتلين وانتحاريين فيها للدفاع عن برلين في الأشهر الأخيرة من الحرب.

- يمكن القول وبكل ثقة وصدق بأن الحوثية أكثر جماعة في العصر الحديث تستخدم الأطفال في القتال فعليا وعلى نطاق واسع وبشكل ممنهج ومنذ بداية ظهورها العسكري في 2004. وبحسب منظمات محلية ودولية عديدة، يتم استدراج الأطفال من القرى والمدارس بدورات دينية واغراءات مالية مستغلين حالة الفقر والجوع، ثم ينقلونهم إلى المعسكرات أو الزج بهم في الجبهات مباشرة دون أي تدريب. وإضافة للقتال، يستخدمونهم في مهام مثل حمل السلاح وزراعة الألغام وكمرشدين وقناصة وجنود في نقاط التفتيش، وقد سقط عشرات الآلاف من الأطفال قتلى أثناء مشاركتهم في القتال مع الحوثيين، أو أثناء تنفيذهم أعمالا عسكرية واستخباراتية مختلفة.

الدين:

- لم تكن الفاشية دينية لكنها لم تعادي المتدينين، وقد استخدمت الدين الكاثوليكي لتعزيز شرعيتها وهيمنتها، أي أنها كانت براغماتية في التعامل مع الكنيسة وتستخدم الدين دعائيا.

- وقفت النازية ضد الدين بشكله التقليدي، لأنها كانت تركز على تعزيز مكانة العرق الآري أساسا، وبالرغم بأنها ضيقت على رجال الدين وسجنت بعضهم وأغلقت مؤسسات دينية، إلا أنها أيضا استخدمت الرموز الدينية المسيحية لأغراض دعائية بين الوقت والآخر.

- الحوثية جماعة دينية عقائدية بالمقام الأول، تؤمن بما يسمى الولاية والإمامة و"حق آل البيت الإلهي في حكم المسلمين"، وهذا هو أساس فكرها السياسي ودافع حروبها المستمرة. تمارس إقصاء طائفيا ضد السُنة وتعمل بشكل ممنهج على فرض التشيع عبر المدارس والجامعات والمساجد ووسائل الإعلام المختلفة. كما تستهدف الأديان الأخرى في اليمن فقد هجرت اليمنيين اليهود والبهائيين والمسيحيين وصادرت أملاكهم.

تقوم الحوثية بتسيس الدين وحصر تفسيره فيما يسمى "سلالة آل البيت" وتستخدمه لتكفير الخصوم وقتلهم ونهب أموالهم وتهجيرهم.

نظرة العالم لها:

- ينظر العالم للفاشية كنظام استبدادي.

- ينظر العالم للنازية كمرادف للشر وكيان عنصري.

- الحوثية حركة إرهابية عنصرية طائفية في نظر معظم اليمنيين والمجتمع الدولي.

السؤال هنا: هل الحوثية أقرب للفاشية أم للنازية؟

كما هو واضح أعلاه إضافة لكثير من البيانات التي لم يتم ذكرها هنا، يمكن القول بأن الحوثية تشترك مع الفاشية والنازية في كثير من الصفات والممارسات، إلا أنها النموذج الأكثر وحشية وخطورة باعتبارها جمعت بين العنصرية التي تميزت بها النازية، والاستبداد وهو ما تميزت به الفاشية، زد على ذلك العقيدة الثيوقراطية الإرهابية التي تكفر وتبيح دم المخالف.

الحوثية فاشية في حكمها الشمولي القمعي وتمركزها في الزعيم والقائد الأوحد (عبدالملك الحوثي)، وفي عدائها للديمقراطية، وكذلك تمجيد الجماعة وعسكرة المجتمع وتعبئة المجتمع بشكل دائم وافتراض العدو لإبقاء المجتمع في حالة استنفار ضد عدو خارجي مفترض.

والحوثية نازية لوجود النظرية العرقية العنصرية "الاصطفاء الإلهي لآل البيت الهاشميين"، وتقسيم الناس على أساس "النسب" إلى سادة وغير سادة، وأشراف وغير أشراف، وشريفات وغير شريفات. علما بأن العنصرية النازية هي عنصرية ادعاء تميز قومية وشعب بأكمله، بينما عنصرية الحوثيين قائمة على ادعاء تمييز وقدسية سلالة في اليمن لا تتجاوز نسبها 5% من إجمالي عدد السكان في اليمن إذا بالغنا في التقدير. وبناء على نظرية "التمييز الإلهي"، تهيمن هذه السلالة على كل المناصب والأعمال العامة والخاصة المدنية والعسكرية والأمنية وتسيطر على أموال وثروات الدولة وهذا ما يدفع اليمنيين لخوض معارك مستمرة ضد هذه الخرافة العنصرية التي تبقي اليمن في حالة فقر وتخلف مستمر.

الحوثية أقرب إلى النازية من حيث تطابق سياسة التطهير والتجويع والتهجير وتفجير المنازل واستغلال التعليم والإعلام والفن وتنفيذ جرائم الإبادة الثقافية بحق المخالفين دينيا وسياسيا والمختلفين عرقيا ووصفهم بتهم وأكذيب تشرعن القضاء عليهم.

ما يميز الحوثية عن الفاشية والنازية، هو البعد الكهنوتي الثيوقراطي الإرهابي الذي يمنح حكم السلالة مشروعية سماوية. فعبدالملك الحوثي ليس مجرد قائد شعبي، أو حتى رجل دين عادي، بل شخص اختاره الله هو وسلالته لحكم اليمن والمسلمين، وتقع عليه -كونه يدعي بانه حفيد الرسول محمد- مهمة تخليص الإسلام والمسلمين في كل مكان من الظلم والقهر. وهذا الاعتقاد هو الذي يجعل الحوثيين يمارسون جرائمهم في اليمن وخارجه.

هذه الجماعة نسخة هجينة ومطورة جمعت بين فاشية موسوليني، وعنصرية هتلر، وإرهاب داعش والخميني. هي مزيج من أنواع وألوان مختلفة من الشر. ونادرا ما تجتمع هذه الثلاثية في جماعة واحدة، فأغلب الجماعات المتطرفة عبر العصور كانت تأخذ واحدة أو اثنتين من هذه الصفات.

لكن الأخطر من كل مظاهر الاستبداد والعنصرية والإرهاب التي ذكرناها آنفا والتي تمارسها في الداخل اليمني، هو أن هذه الجماعة ليست كيانا منفصلا أو طارئا، بل جزء من منظومة إقليمية ودولية، وتحظى بدعم مالي وعسكري وإعلامي كبير جدا من قوى ودول تسعى لتقويض الأنظمة العربية وتفكيك مجتمعاتها.

لهذه الجماعة أنصار خارج اليمن وفي دول عربية وإسلامية مختلفة، منهم من ينتمي إلى السلالة نفسها ويتعصبون معها عرقيا وطائفيا، وآخرون مخدوعون بخطابها المضلل عن فلسطين والقدس وقتال أمريكا وإسرائيل. ولذلك يتجاهلون الجرائم البشعة ضد اليمنيين، بل يعتبرونه "تمكينا إلهيا" و"حكما رشيدا" يجب أن ينتقل إلى بقية الدول العربية والإسلامية.

في ختام هذا النص المطول أقول:

إن التعامل مع الحوثية كحركة سياسية أو مجرد جماعة متمردة في اليمن، يُعد تجاهلا خطيرا لطبيعتها الفاشية الدينية وجوهرها العنصري العرقي. والمطلوب اليوم أن يتم العمل بصدق على إدراج هذه الجماعة رسميا في الوثائق الدولية كواحدة من أكثر الحركات البشرية تطرفا ووحشية في التاريخ، تماما كما تم تصنيف النازية والفاشية في القرن الماضي.


*من صفحة الكاتب على الفيسبوك