من العمل الإنساني إلى الصراع السياسي.. الأمم المتحدة يغيّرون قواعد اللعبة مع الحوثي
السياسية - منذ 5 ساعات و 15 دقيقة
نيويورك، نيوزيمن:
أعلنت الأمم المتحدة، أنها بصدد إعادة تقييم أسلوب عملها في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، بعد سلسلة من الانتهاكات التي طالت مقراتها وموظفيها خلال السنوات الأخيرة، والتي جعلت من الصعب تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين في اليمن.
وقالت الأمم المتحدة في بيانٍ رسمي، إن الميليشيا الحوثية اختطفت اثنين من موظفيها في اليمن يوم الخميس الماضي، ليرتفع بذلك عدد موظفي المنظمة المحتجزين لدى الحوثيين منذ عام 2021 إلى 55 شخصًا.
وأوضح فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في إفادةٍ صحفية، أن حوادث الاعتقال والاحتجاز التعسفي لموظفي المنظمة الأممية "تضاعفت بشكل مقلق"، مؤكداً أن هذه الممارسات تعرقل بشدة قدرة الأمم المتحدة ووكالاتها على الوصول الإنساني إلى ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الحوثيين اتخذوا، منذ عام 2021، سلسلة من الإجراءات العدائية ضد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في اليمن، شملت اقتحام واحتلال عدد من المقرات التابعة لها، والاستيلاء على أصولها وممتلكاتها، إضافة إلى حملات اختطاف ممنهجة استهدفت موظفين محليين ودوليين.
وتأتي هذه التطورات في وقتٍ تشهد فيه مناطق سيطرة الحوثيين تدهورًا متزايدًا في البيئة الإنسانية، حيث تتعرض وكالات الإغاثة الدولية لضغوطٍ متصاعدة، تشمل فرض قيودٍ على تحركاتها، ومراقبة أنشطتها، وتقييد منح تصاريح السفر والتنفيذ الميداني للمشاريع الإنسانية.
وأكدت مصادر دبلوماسية في صنعاء أن الميليشيا تستخدم ملف المنظمات الدولية كورقة ضغط سياسية لابتزاز المجتمع الدولي، في محاولة لانتزاع اعترافٍ سياسي غير مباشر بسلطتها، عبر فرض شروطها على آلية العمل الإنساني، والتحكم في مسار المساعدات.
وفي خطوةٍ وُصفت بأنها محاولة لتصعيد الجهود الدبلوماسية، أعلنت الأمم المتحدة تعيين الدبلوماسي الفلسطيني معين شريم، النائب السابق للمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، لقيادة وتعزيز الجهود الرامية إلى تأمين إطلاق سراح الموظفين المختطفين ومنع أي اعتقالات مستقبلية.
ويرى مراقبون أن تكليف شريم بهذه المهمة يعكس جدية الأمم المتحدة في معالجة الأزمة المتفاقمة مع الحوثيين، خاصة في ظل الانتقادات الدولية التي تواجهها المنظمة بشأن "تساهلها" مع الميليشيا واستمرارها بالعمل في بيئةٍ توصف بأنها "الأسوأ عالميًا من حيث الأمان الإنساني".
وحذّرت منظمات إنسانية من أن استمرار تصاعد الانتهاكات الحوثية قد يدفع الأمم المتحدة إلى تقليص عملياتها في مناطق سيطرة الميليشيا، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على المساعدات الأممية في الغذاء والدواء والمأوى.
ويرى محللون أن موقف الأمم المتحدة الحالي يعكس تحولًا في نهج المنظمة، من سياسة "الانخراط الصامت" مع الحوثيين إلى نهجٍ أكثر حزمًا، بعد أن بلغت الانتهاكات مستويات غير مسبوقة تمس كرامة وحرية العاملين في المجال الإنساني.
وتصاعدت المخاوف من أن تكون استراتيجية الحوثيين في احتجاز موظفي الأمم المتحدة جزءًا من سياسةٍ أوسع تهدف إلى فرض السيطرة الكاملة على العمل الإنساني في اليمن، وتحويله إلى أداة نفوذ سياسي ومالي. وفي المقابل، تواجه الأمم المتحدة اختبارًا صعبًا بين التمسك بوجودها الميداني لمواصلة تقديم المساعدات، وبين الحفاظ على أمن موظفيها واستقلالية عملها الإنساني.
>
