د. ياسين سعيد نعمان

د. ياسين سعيد نعمان

تابعنى على

"مات الملك.. عاش الملك"

Monday 12 September 2022 الساعة 09:57 am

في مشهد، اختلط فيه الحزن بوفاة الملكة بالفرح بالملك الجديد وجسّد بكل دقة العبارة التاريخية (مات الملك عاش الملك)، تم صباح السبت في قصر "سينت جميس" التاريخي في العاصمة لندن تنصيب الأمير تشارلس ملكاً على المملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية تحت اسم تشارلس الثالث.

وفي حين كان التنصيب يجري على قدم وساق، كان جثمان الملكة ينقل من اسكتلندا إلى لندن لإتمام مراسم الدفن الذي سيتم على ما يبدو يوم 19 سبتمبر.

 أثناء التنصيب تم إلغاء تنكيس العلم وإعادته إلى وضعه الطبيعي، ثم أعيد تنكيسه مرة أخرى بعد انتهاء عملية التنصيب.

والتنصيب يعني انتقال السلطة قانونياً ورسمياً إلى الملك الجديد، لكن إلباسه التاج سيتم في مراسم أخرى بعد فترة قد تمتد إلى سنة.

مراسم التنصيب، التي يتولاها "مجلس العرش"، لم يعرفها البريطانيون منذ سبعين سنة، ولذلك فقد تابعوا التنصيب بكل تفاصيله التي عبرت عن تقاليد عميقة عمرها أكثر من ثمانمائة سنة. 

كان التنصيب مرآة عاكسة لتجذر الملكية الدستورية في وعي المجتمع البريطاني، على غير ما كان يعتقده الكثيرون من أن الملكية monarchy أخذت تفقد مكانتها في النظام السياسي وبين الناس.

 لقد جسد التنصيب بالصورة التي تم بها عمق ارتباط المجتمع البريطاني بالمؤسسة الملكية التي لا تحكم ولكنها تمثل رمزية سيادية للدولة البريطانية.

 فالحكومة حكومة الملك، ورئيس الوزراء يلتقي أسبوعياً بالملك ويقدم له تقريرا عن حال البلاد، والنشيد الوطني يهتف للملكة وسيتغير منذ اليوم للملك، والعملة عليها صورة الملكة وسيتم تغييرها بصورة الملك وكذلك طوابع البريد وكل ما يحمل صورة الملكة كتعبير عن رمزية علاقة الملكة بالدولة، والملك يرأس 16 دولة أجنبية تدين له بالولاء.

 وكانت الملكة رئيسة "الكومنولث" الذي يضم أكثر من ثلاثين دولة، ولكن رئاسة الكومنولث لا تورث. 

هناك تقليدان أثارا الانتباه باعتبارهما من التاريخ السياسي للمملكة المتحدة البريطانية:

- أن الملك بعد أن ألقى كلمة العرش التي أقسم فيها على خدمة المملكة، طلب منه أن يقسم مرة أخرى بموجب القانون الاسكتلندي على حماية الديانة البروتستانتية في أسكتلندا كشرط لبقاء المملكة المتحدة. 

وهو تقليد يمتد كما يبدو لقرون منذ توحيد انجلترا واسكتلندا. 

- أن كل المدعوين لحفل التنصيب، بمن في ذلك رؤساء وزراء كل من: اسكتلندا، ويلز، وايرلندا، ورؤساء الوزارات السابقين لبريطانيا، ورئيسة الوزراء الحالية وأعضاء مجلسي العموم واللوردات، وغيرهم ممن تمت دعوتهم، قاموا بالتوقيع على وثيقة التنصيب، وقام أعضاء البرلمان بأداء قسم الولاء للملك الجديد.

شكلت المناسبة حالة من إعادة توثيق التقاليد الملكية العريقة لهذا البلد الذي سيظل يتجدد بتاريخه.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك