د. ياسر اليافعي

د. ياسر اليافعي

تابعنى على

عدن.. المدينة التي تُهاجم من الداخل ويُقبل عليها الجميع

منذ ساعتان و 15 دقيقة

 المواطن في عدن،  لا يبحث عن الشعارات، بل يريد خدمات ملموسة: كهرباء مستقرة، مياه متوفرة، تحسن في سعر الصرف، وأسعار معقولة. هذه مطالبه الأساسية، وهذا حقه الطبيعي.

لكن بالمقابل، ما يُنجز على أرض الواقع في عدن لا يمكن تجاهله.

هناك مشاريع متعددة، أبرزها مشاريع الصرف الصحي المنتشرة في مختلف المديريات، والتي من المتوقع أن تضع حدًا لأكبر مشكلة مزمنة وهي طفح المجاري. من النادر أن تجد حيًا أو شارعًا اليوم يخلو من أعمال الحفريات للصرف، وهو مؤشر على أن هناك معالجة فعلية جارية.

إلى جانب ذلك، يجري إعادة سفلتة شوارع مهمة، مثل شارع الخمسين في المنصورة، الذي أصبح أحد أبرز الشوارع في المدينة اليوم، مع تحسينات مرورية تشمل تركيب إشارات في الجولات، وهي خطوة إيجابية نأمل أن تُرافقها رقابة صارمة وعقوبات بحق المخالفين، لترسيخ ثقافة احترام النظام، صحيح قد يكون بعضها بدعم دولي لكن في المحصلة هي مشاريع لصالح المدينة.

 اليوم زرت مشروع شلالات عدن، وهو مشروع مميز بكل المقاييس، ليس فقط بتصميمه ومساحته، بل بموقعه المطل على المعلا ومينائها وجزرها، ما يضفي عليه جمالًا استثنائيًا. هذا المشروع سيكون بلا شك أحد أبرز معالم عدن السياحية ومتنفسًا حيويًا لسكان المدينة وزوارها وقد انجز منه بحسب القائمين عليه 80% .

عدن أيضًا تعيش تحسنًا أمنيًا كبيرًا، لا ينكره أحد، وتحولت إلى ملتقى للجميع من كل المحافظات، يعيشون فيها بحرية وكرامة، بعيدًا عن العنصرية والمناطقية.

ولمن يقارن، فعدن ما بعد الحرب ليست كما كانت؛ تضاعف عدد سكانها، امتلأت شوارعها، وازدحمت فنادقها وسواحلها بالناس رغم الأسعار المرتفعة، والكل يُقبل عليها من مختلف مناطق اليمن.

والغريب، أن كل هذه الإنجازات يتم تجاهلها عمدًا، فلو كانت هذه المشاريع في محافظة خاضعة لسيطرة الإخوان، لرأينا الإعلام يصوّرها كأنها "منارة تنمية لا تتوقف".

لكن في عدن، هناك من يصرّ على تسويق صورة سلبية عنها، عبر  اشغال الناس بهاشتاقات تافهة، وبث رسائل تيئيس، رغم أنهم يعيشون فيها، ويأكلون من خيرها، ويستفيدون من استقرارها.

صحيح أن هناك أخطاء أمنية وإدارية، وهناك قوى نفوذ تعيق أي تقدم، لكن هذا طبيعي في مرحلة ما بعد الحرب، والأهم أن رغبة الناس في الحياة، وإصرارهم على العيش الكريم، ستنتصر في النهاية، وستُقلّص نفوذ تلك القوى، وتُصلح ما أفسدته الفوضى.

كل مشروع خدمي أو تنموي يُنفذ في عدن هو ملك لهذه المدينة، لا يُنسب لأسماء أو مناصب. هو شاهد على مرحلة، وأثر باقٍ يدل على من تولوا المسؤولية حينها. فالجميع يرحل، أما الأثر فهو الذي يبقى ويتحدث عنهم.

من صفحة الكاتب على منصة إكس