جنازة "جمعان الجدري".. القبيلة كتحدي مُزمن لقبضة الحوثي شمالاً

السياسية - Tuesday 27 May 2025 الساعة 09:37 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

في مشهد نادر، اعادت الجنازة الحاشدة التي شهدتها صنعاء لجثمان الشيخ القبلي البارز/ ناجي جمعان الجدري، التذكير من جديد بالدور المؤثر الذي تلعبه القبيلة في المجتمع اليمني شمالاً، بعد نحو 11 عاماً من قبضة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران.

وشارك الالاف من أبناء القبائل صباح الأحد في تشييع جثمان شيخ مشائخ قبيلة بني الحارث / ناجي جمعان الجدري، الذي توفي في العاصمة المصرية القاهرة بعد 8 سنوات من "منفى" سياسي إجباري.

الجدري وهو عضو اللجنة العامة في حزب المؤتمر الشعبي العام ، كان أحد ابرز مشائخ القبائل الذين شاركوا في انتفاضة الـ 2 من ديسمبر عام 2017م والتي قادها الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، ضد مليشيا الحوثي.

الإنتفاضة التي انتهت بمقتل صالح وعدد من قيادات واعضاء حزب المؤتمر والموالين لصالح، كان نصيب الجدري منها خسارة إثنين من أبناءه ونفيه الى مصر ليقيم فيها حتى وفاته الأربعاء الماضي. 

وعلى عكس حملة التشوية والتخوين التي قادتها مليشيا الحوثي ضد رموز وقادة انتفاضة الـ 2 من ديسمبر طلية السنوات الماضية، جاء تشييع الجدري بمشهد جنائزي مهيب وبحضور الالاف من أبناء القبائل واهم شيوخ في قبيلتي حاشد وبكيل كبرى قبائل اليمن التي شهدت تنصيب نجله محمد خلفا له كشيخ لمشايخ قبيلة بني الحارث إحدى أهم القبائل المحيطة بـ صنعاء.

مشهد أعاد التذكير بقوة الروابط القبيلة وتأثيرها في المجتمع شمالاً بصورة تتجاوز معها أي مشاريع او أفكار سياسية او مذهبية بما فيها مشروع جماعة الحوثي، الذي يمثل هذا المشهد تذكيراً لها لأهم التحديات المزمنة التي تواجهها.

حيث تُدرك الجماعة الحوثية ان القبيلة في اليمن مثلت ولا تزال تمثل أول وأهم عدو لها في سبيل احكام قبضتها على جغرافيا اليمن وبخاصة في الشمال، الذي خاضت فيه معارك ومواجهات عنيفة مع القبائل من معقلها في صعدة مروراً بصنعاء وصولاً الى الجنوب.

في حين مثلت المقاومة التي أسستها قبائل مأرب عام 2014و2015م ، اقسى هزيمة لمشروع الحوثي، بعد أن وقفت كحائط صلب أمامه وقطعت الطريق لوصوله الى حقول النفط وحرمته – حتى اليوم – من أهم ثروات اليمن.

كما أن القبيلة مثلت صداعاً مزمناً لقبضة مليشيا الحوثي على الشمال طيلة السنوات الماضية، خاضت فيها المليشيا مواجهات عنيفة، كان أبرزها مع قبائل حجور في حجة عام 2019م، في حين لا تزال المواجهة مفتوحة مع قبائل البيضاء من وقت لآخر.

هذه الحقائق والأحداث في علاقة مليشيا الحوثي مع القبيلة خلال السنوات الماضية والمشهد الأخير لجنازة الجدري، أعادت تذكير المليشيا بحقيقة وقوة القبيلة كرابط اجتماعي لا يزال صامداً ومتحدياً أمام سياسة المليشيا الساعية لفرض مشروعها الفكري بالقوة على رقعة الشمال.

حقيقة تتحول إلى رعب وكابوس مع كل تهديد وخطر تتعرض له المليشيا، كما هو الحال الان عقب التطورات الأخيرة التي عاشتها ولا تزال تعيشها المليشيا الحوثي جراء التصعيد الذي تمارسه منذ أحداث الـ7 من أكتوبر 2023م وتهديدها للملاحة الدولية.

هذا التصعيد الذي تسبب بانقلاب جذري للموقف الدولي من المليشيا وبلغ ذروته بالغارات الأمريكية العنيفة التي استمرت لـ 52يوماً وتوقفت في الـ 6 من مايو الجاري، اثارت معها مخاوف المليشيا من أي تحرك دولي لدعم الحكومة الشرعية لإنهاء قبضتها على الجغرافيا شمالاً.

المخاوف لدى المليشيا تركزت بشكل رئيسي في حدوث أي تحرك داخل في مناطق سيطرتها وبخاصة من القبائل، وهو ما دفعها حالياً الى اجبار القبائل في كل المدن والقرى في مناطق سيطرتها الى تنظيم وقفات قبلية وإعلان "وثيقة شرف ضد الخونة".

خطوة وتحرك جدد التأكيد على حجم المخاوف والقلق المزمن الذي تعاني منه المليشيا من أهم مكون اجتماعي في مناطق سيطرتها المتمثل بالقبيلة، والدور المؤثر الذي تلعبه بين أفرادها في حسم الموقف من أي قضية، بصورة تجعل من الأرض التي تقف عليها المليشيا الحوثية هشة وقابلة للاهتزاز بل والسقوط السريع لها.