تحرّك رئاسي حازم لكبح اقتصاد التهريب.. مواجهة مباشرة مع خطوط إمداد الحوثي

السياسية - منذ 4 ساعات و 30 دقيقة
عدن، نيوزيمن:

باتت ميليشيا الحوثي الإيرانية تعتمد بشكل كبير على شبكات التهريب لتمويل نشاطاتها وتمويل عملياتها العسكرية، خاصة بعد تضييق الخناق الدولي على طرق الإمداد التقليدية عبر موانئ الحديدة. 

وبعد تضرر موانئ الحديدة وتدمير الكثير من خزانات المشتقات النفطية، لجأت الميليشيات الحوثية صوب المناطق المحررة من أجل الحصول على كميات من الوقود لتسيير أنشطتها وإدارة الأسواق السوداء التابعة لها، حيث عملت على إنشاء شبكات تهريب مخيفة تقوم بنقل المشتقات النفطية والغاز من المحافظات المحررة وإيصالها إلى مناطقهم لبيعها بأسعار مضاعفة.

وخلال الأيام الماضية تمكنت الأجهزة الأمنية في يافع شمال لحج، من ضبط عدة مقطورات غاز كانت متجهة إلى مناطق خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، حيث كشفت هذه الحادثة خفايا كثيرة عن شبكات التهريب الحوثية التي تنامت بشكل كبير عقب الأضرار التي لحقت بالمنشآت النفطية بموانئ الحديدة جراء الضربات الأمريكية والإسرائيلية.

عضو مجلس القيادة الرئاسي، عبد الرحمن المحرّمي، بدء تحركًا صارمًا ومباشرًا يستهدف خطوط التهريب التي تمر عبر المحافظات المحررة. حيث أصدر تعميمًا رسميًا يشدد على ضرورة ضبط أي مقطورات وقود أو غاز لا تحمل تصاريح رسمية صادرة عن الشركة اليمنية للغاز أو شركة صافر في مأرب. كما دعا إلى تحديد الوجهة وخط السير بدقة، ورفض أي فواتير صادرة عن أحواش تعبئة غير معتمدة، معتبرًا إياها منافذ خلفية لتهريب المشتقات إلى جهات مجهولة – غالبًا ما تكون متجهة نحو أسواق حوثية سوداء.

ويهدف هذا التعميم، بحسب ما ورد في نصه، إلى إعادة الانضباط إلى عمليات النقل، ومنع تسرب الوقود إلى السوق السوداء التي تمثل إحدى أهم أدوات الحوثيين في جني الأموال، فضلًا عن كونها تهديدًا مباشرًا لاستقرار السوق المحلية، وتُحمّل المواطن أعباء ارتفاع الأسعار ونقص الإمدادات.

وشدد المحرّمي على ضرورة التزام النقاط الأمنية الرابطة بين محافظات عدن، لحج، أبين، والضالع بهذه التعليمات، مؤكداً على توقيف أي قاطرات مخالفة فورًا، ومنع إصدار أو اعتماد تصاريح خارج قنواتها الرسمية.

ويأتي هذا التحرك على وقع العقوبات الأمريكية الأخيرة التي حدّت من تدفق المشتقات النفطية إلى مناطق الحوثيين، وهو ما دفع الجماعة إلى تكثيف اعتمادها على قنوات تهريب تنطلق من مناطق خاضعة للحكومة الشرعية، مستغلة تراخي بعض النقاط الأمنية وتواطؤ متنفذين يعملون تحت غطاء النشاط التجاري.

الخطوة تكشف عن تحول نوعي في استراتيجية السلطة الشرعية التي بدأت تدرك أهمية إدارة المعركة الاقتصادية، لا سيما أن الوقود والغاز لم يعودا مجرد مواد استهلاكية، بل أوراق ضغط استراتيجية في معادلة الصراع، وأداة تمويل رئيسية تستخدمها ميليشيا الحوثي لتعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي.

ويرى مراقبون أن التحرك الرئاسي الأخير قد يمثل بداية لتفكيك شبكة معقدة من المصالح تمتد بين بعض العاملين في قطاع النفط والمشتقات وبين قيادات حوثية، حيث يتم تهريب الوقود من مأرب أو عدن بطرق ملتوية، لبيعه في مناطق سيطرة الميليشيا بأسعار مضاعفة، تُحوّل أرباحها إلى مجهود حربي.

إلا أن هناك تحذيرات من أن نجاح هذه الإجراءات مرهون بصرامة التنفيذ وتطويق الفساد داخل الأجهزة التنفيذية، حيث لطالما استعصت شبكات التهريب على الضبط نتيجة اختراقها للمؤسسات والسلطات المحلية، إضافة إلى هشاشة الرقابة.

ويطالب خبراء في الشأن الاقتصادي بتوسيع نطاق الرقابة لتشمل حركة الناقلات من لحظة التعبئة وحتى الوصول، وتفعيل تقنيات التتبع الإلكتروني، ومحاسبة أي مسؤول يتورط في تسهيل عمليات النقل غير المشروع، كخطوة ضرورية لاستعادة السيطرة على السوق ولضمان ألا تتحول المناطق المحررة إلى ممول غير مباشر لآلة الحرب الحوثية.