أولى ثمار تحركه الأخير.. مركزي عدن يحشد مليار دولار من الاحتياطي الأجنبي

السياسية - منذ 10 ساعات و 3 دقائق
عدن، نيوزيمن:

في تحرّك اقتصادي وصف بأنه الأكبر منذ سنوات، تمكن البنك المركزي اليمني في العاصمة عدن من تعزيز احتياطاته من العملات الصعبة بما يقارب مليار دولار خلال الأيام القليلة الماضية، مستفيدًا من التحسن المفاجئ في قيمة الريال اليمني وتطبيق سياسات نقدية أكثر انضباطًا للحد من المضاربة وسوء استخدام النقد الأجنبي.

وبحسب مصادر مصرفية مطلعة، فقد عمد البنك المركزي إلى استغلال التعافي الأخير في سوق الصرف المحلي، والذي شهد انخفاضًا كبيرًا في سعر الدولار من نحو 2800 إلى 2000 ريال يمني، في تنفيذ عملية سحب ذكي للعملات الأجنبية من السوق. وتم ذلك عبر تمكين البنوك الحكومية وعدد من الجهات المصرفية من شراء العملات من صرافين بادروا بالتخلص من احتياطاتهم بهامش ربح معقول، ضمن خطة تستهدف استعادة جزء كبير من احتياطات النقد الأجنبي التي استنزفت خلال السنوات الماضية.

وفي خطوة موازية، أصدر البنك المركزي تعميمًا رسميًا يقضي بمنع جميع البنوك العاملة في مناطق الشرعية من تنفيذ أي عمليات بيع أو مصارفة للعملات الصعبة، باستثناء غرضين محددين فقط: الدراسة والعلاج في الخارج، وبسقف لا يتجاوز 5000 دولار للفرد، وفق ضوابط مصرفية صارمة وإجراءات تحقق مشددة.

وتُعد هذه الخطوة – بحسب مراقبين – إجراءً استباقيًا حاسمًا يهدف إلى منع تهريب العملة الصعبة خارج البلاد، خصوصًا نحو مناطق سيطرة الحوثيين، التي ظلت خلال السنوات الماضية تمثل ثغرة رئيسية لتسرب النقد الأجنبي خارج الدورة النقدية الرسمية، وبيئة موازية لنشاط الصرافة غير المشروع.

وعلّق الكاتب والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري على هذه التطورات، في منشور له على صفحته بموقع "فيسبوك"، كاشفًا أن البنك المركزي تمكن من حشد مليار دولار خلال فترة قصيرة نتيجة لاستفادته المدروسة من تحسن سعر الصرف، وتمكينه البنوك من شراء العملات من صرافين "أذكياء"، مشيرًا إلى أن "الفرصة لا تزال متاحة للبقية" ممن لم يتداركوا التغير في اتجاه السوق.

ووصف الداعري التعميم الأخير للبنك بمنع المصارفة إلا في حدود ضيقة بأنه "ضربة مباشرة لعمليات التهريب المالي"، مؤكدًا أن هذا القرار من شأنه شل حركة تهريب العملة إلى الخارج، وفي مقدمتها مناطق الحوثيين.

وقال الداعري إن جماعة الحوثي بدأت تتحرك من تلقاء نفسها، ولأول مرة منذ انقلابها على الدولة، للضغط باتجاه إعادة فتح مفاوضات الملف الاقتصادي مع السعودية والأمم المتحدة، سعياً لتوحيد سعر صرف العملة المحلية في مناطق سيطرتها ومناطق الحكومة، وذلك في ظل مخاوفها من خطوات البنك المركزي في عدن لوقف التحويلات بالعملة الصعبة إليها بشكل نهائي، بعد انتقال البنوك الرئيسية إلى عدن تفاديًا للعقوبات الأمريكية.

وتوقعت المصادر أن تشهد الأيام القليلة المقبلة عودة المبعوث الأممي إلى اليمن، رفقة وفده الاقتصادي، إلى عدن، لعقد لقاءات مباشرة مع محافظ البنك المركزي ورئيس الحكومة، بهدف الدفع نحو اتفاق اقتصادي مشترك قد يُفضي إلى توحيد قيمة صرف الريال اليمني في جميع مناطق البلاد. وتشير المعلومات إلى أن واحدة من أبرز النقاط المطروحة في المحادثات المرتقبة هي قبول جماعة الحوثي ولأول مرة بالتعامل بالعملة الجديدة التي يصدرها البنك المركزي في عدن، كخطوة نحو توحيد السياسة النقدية، وإنهاء حالة الانقسام المالي التي تعمقت منذ بدء الحرب.

ويرى مراقبون أن البنك المركزي في عدن يخوض معركة متعددة الجبهات، تهدف إلى إحكام السيطرة على السوق المصرفية، وحرمان الأطراف المتمردة من الموارد غير المشروعة، عبر أدوات مالية صارمة تضمن ضبط تحويلات العملة ومصادر النقد الأجنبي، وهو ما ينعكس تدريجيًا على استقرار سعر الصرف.