المولد النبوي في مناطق الحوثيين.. موسم ديني يتحول إلى منصة جبايات وإتاوات ممنهجة
الحوثي تحت المجهر - منذ ساعتان و 26 دقيقة
في الوقت الذي يُفترض فيه أن يكون المولد النبوي مناسبة دينية روحانية لتعزيز قيم المحبة والتكافل، تحوّله ميليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها إلى موسم سنوي للابتزاز المالي وفرض الإتاوات، في مشهد يصفه مراقبون بأنه استغلال فج للشعائر الدينية لأهداف سياسية ومادية.
ومع كل عام، يتكرر السيناريو نفسه: تزيين الشوارع باللون الأخضر، تنظيم الفعاليات الدعائية، وضخ الخطاب الطائفي، لكن خلف هذه المظاهر تختبئ حملة جبايات واسعة تستنزف جيوب المواطنين والتجار، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية.
هذا العام، بدأت المليشيا موسم الجبايات قبل موعد المولد النبوي بشهر كامل، في خطوة قال مراقبون إنها تهدف لتعظيم العائدات المالية عبر خطة مُحكمة لإطالة فترة الابتزاز. وشملت الحملة جميع القطاعات التجارية والخدمية، من المحلات والمطاعم والفنادق إلى الباعة المتجولين، مع فرض تكاليف إلزامية لتزيين المباني والشوارع، وإجبار التجار على طلاء واجهات محلاتهم باللون الأخضر وتعليق صور وشعارات قيادات الجماعة.
ووفق مصادر محلية، لم يسلم حتى السكان في الأحياء السكنية، إذ فُرضت عليهم مساهمات مالية أو عينية لتمويل الفعاليات، تحت تهديد السلاح أو الاعتقال أو إغلاق المحال التجارية ومصادرة الممتلكات. وتحدثت المصادر عن مبالغ "خيالية" تُجبى من التجار، بينما يتعرض الرافضون أو العاجزون عن الدفع لمضايقات مباشرة وغرامات إضافية.
الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أطلقوا حملة رقمية واسعة تحت وسم #الحوثي_يتاجر_بالمولد_النبوي، لفضح ما وصفوه بـ"الموسم السنوي للنهب المنظم". وأكد المشاركون أن الجماعة تنفق مليارات الريالات على فعالياتها ومظاهرها الدعائية لخدمة مشروعها الطائفي، في وقت يرزح فيه ملايين اليمنيين على حافة المجاعة، وتستمر رواتب الموظفين في الانقطاع منذ سنوات.
ويؤكد الناشط سعيد الهتاري أن هذه الممارسات جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى تعزيز سلطة الحوثيين وترسيخ أفكارهم الطائفية، عبر توسيع شبكاتهم المالية على حساب معيشة اليمنيين. وحذّر من أن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى مزيد من الانكماش الاقتصادي وضرب النشاط التجاري، نتيجة ضخ الأموال المنهوبة في جيوب قيادات الجماعة بدلًا من دورة الاقتصاد الطبيعي.
ويجمع المراقبون على أن المولد النبوي في مناطق الحوثيين لم يعد مجرد مناسبة دينية، بل تحول إلى أداة سياسية واقتصادية، حيث يُستخدم الدين كغطاء لفرض الولاء، وتمويل الحروب، وتعزيز النفوذ، وسط تجاهل كامل لاحتياجات الناس الأساسية من غذاء ودواء وخدمات، ما يزيد من حالة السخط الشعبي ويعمّق الانقسام المجتمعي.