وكالة بريطانية: الحوثي يحكم اليمن باسم الدين ويغذّي حروبه بأموال الإغاثة

السياسية - منذ 4 ساعات و 14 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن:

أكد تقرير نشرته وكالة أخبار بريطانية أن ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران تحكم مناطق سيطرتها في اليمن عبر شبكة معقدة من القمع الديني والسياسي، وبتوظيف الجوع والمساعدات الإنسانية كأدوات للسيطرة والابتزاز، في وقت تُظهر فيه نفسها خارجيًا كحركة "مقاومة" ضد إسرائيل.

وأوضح التقرير الذي نشرته وكالة رويترز البريطانية الذي استند إلى مقابلات مع مئات المدنيين وموظفي إغاثة ووثائق داخلية للأمم المتحدة، أن الواقع في الداخل اليمني "قاتم"، ويقوم على تقديس الزعيم، وكمّ الأفواه، وتوجيه موارد الإغاثة لخدمة أهداف الجماعة ومقاتليها.

كشف التقرير أن الحوثيين يحظون بإشادات في الخارج، خصوصًا خلال الحرب على غزة، بسبب هجماتهم على السفن الإسرائيلية، غير أن "الصورة اللامعة" تتناقض تمامًا مع معاناة اليمنيين تحت حكمهم. ونقلت رويترز عن نازحين يمنيين قولهم إن الحوثيين يستخدمون الترهيب والحرمان من المساعدات لإجبار الناس على الولاء، حيث يُخيَّر المواطن بين الحصول على سلة غذائية أو إعلان الولاء للجماعة والمشاركة في مسيراتها.

وأشار التقرير إلى أن من ينتقد الجماعة يواجه الاعتقال أو التعذيب في سجون سرية تحت الأرض، فيما وصف أحد المعتقلين السابقين الحياة في مناطق الحوثيين بأنها "عيشة بلا تنفس".

وبيّن التقرير أن الحوثيين أقاموا منظومة أمنية مغلقة تُدار بتوجيه مباشر من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، الذي يحكم من خلف الشاشات ولا يظهر علنًا، فيما تُفرض خطبه ومقولاته على المدارس والموظفين والشارع العام. وأكد أن الجماعة تعتمد على "التعبئة الأيديولوجية"المستمرة، إذ يُجبر الموظفون والطلاب على حضور محاضرات دينية أسبوعية تُبث فيها خطابات الحوثي، بينما تنتشر صوره وشعاراته في كل مدينة، ويردد الحضور شعارات "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل".

وأوضح التقرير أن آلاف اليمنيين تعرضوا للاعتقال والتعذيب والاختفاء القسري، وأن جماعات حقوقية وثقت عشرات السجون التي تُدار بمعزل عن القضاء.

وأكدت رويترز في تقريرها أن الحوثيين يسيطرون فعليًا على سلسلة الإمداد الإنساني في شمال اليمن، ويتلاعبون بقوائم المستفيدين من المساعدات الدولية. وكشف موظفون في منظمات إغاثة أن قوائم المستفيدين تتضمن "مستفيدين أشباحًا"أو مقاتلين حوثيين، بينما يُحرم الجائعون الحقيقيون من المساعدات إن لم يظهروا الولاء للجماعة.

وأفاد التقرير أن برنامج الأغذية العالمي اضطر إلى تعليق عملياته في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون عام 2023 بعد أن فشل في التوصل إلى اتفاق يضمن الشفافية، مؤكدًا أن الجماعة استخدمت المساعدات "وسيلة ضغط لتجنيد المقاتلين وإجبار الناس على المشاركة في أنشطتها السياسية".

وأوضح التقرير أن الأمم المتحدة جمعت نحو 28 مليار دولار منذ 2015 لتلبية الاحتياجات الإنسانية في اليمن، ذهب معظمها إلى مناطق الحوثيين، لكن جزءًا كبيرًا منها لم يصل إلى مستحقيه بسبب سيطرة الجماعة على التوزيع.

وأبرزت رويترز أن الحوثيين فرضوا شبكة واسعة من الضرائب والجبايات على التجار والمواطنين، حتى باتت التجارة الصغيرة مهددة بالانهيار. ونقلت الوكالة عن أحد التجار في صنعاء قوله إنه اضطر إلى بيع متجره وممتلكاته بعد أن أغرقته سلطات الحوثي بالضرائب والإتاوات، مؤكّدًا أن الجماعة "تنهب كل شيء باسم دعم الجبهات أو المسيرات".

وأضاف التقرير أن استمرار هذه السياسات الاقتصادية القسرية يدفع آلاف اليمنيين إلى الهجرة والنزوح، بينما تتدهور الخدمات العامة إلى أدنى مستوياتها، وتغرق المناطق في فقر مدقع وانعدام شبه كامل للمرتبات والوقود.

وكشف التقرير أيضًا أن الحوثيين جندوا آلاف الأطفال منذ اندلاع الحرب، وأن الأرقام تضاعفت منذ حرب غزة في أكتوبر 2023، مشيرًا إلى أن التدريب يشمل تلقينًا دينيًا يربط الولاء للحوثي بـ"الطريق إلى الجنة". ونقلت الوكالة البريطانية عن فتى يُدعى عبدالـمغني السنانـي، جُنِّد في سن العاشرة، قوله: "كانوا يقولون لنا إن ختم السيد عبدالملك الحوثي هو مفتاح الجنة". وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة هذه الممارسات، بينما واصل الحوثيون نفيهم لها، واعتبروها "افتراءات سياسية".

خلص تقرير رويترز إلى أن جماعة الحوثي بنت سلطتها على مزيج من الخوف، والدعاية، والسيطرة على الموارد الإنسانية، محولةً معاناة الملايين إلى وسيلة لبسط نفوذها السياسي. وأشار إلى أن "الطريق إلى النجاة"بالنسبة لليمنيين في مناطق الجماعة بات يتمثل فقط في الهروب، إذ يجدون أنفسهم بين خيارين قاسيين: "الولاء أو الجوع".

وأكدت الوكالة أن الأزمة في اليمن تجاوزت البعد الإنساني لتصبح قضية سلطة تُحكم باسم الدين وتُموّل باسم الإغاثة، في واحدة من أعقد المآسي التي يشهدها العالم المعاصر.