سياسيون وحقوقيون: اختطاف صناع السلام دليل إفلاس وعار في جبين الحوثي

السياسية - منذ ساعة و 58 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

وصف سياسيون وحقوقيون وناشطون يمنيون اعتقال ميليشيا الحوثي الإيرانية لأكاديميين وشخصيات وطنية بارزة، بأنه "جريمة وعار في جبين هذه الجماعة التي تمارس أبشع الانتهاكات ضد المواطنين والرموز الوطنية". 

وأكدوا أن استمرار احتجاز هؤلاء يُثير قلقاً بالغاً في الأوساط الوطنية والحقوقية، لافتين إلى أن "اعتقال العقل واستنفاد اليمن لرصيده من الحكمة في سجون السلطات في شمال الوطن وجنوبه وشرقه وغربه" يُعدّ مأساة وطنية.

وأشاروا إلى أن عملية استدعاء الدكتور حمود العودي والأستاذ عبد الرحمن العلفي وأنور خالد شعب للتحقيق لدى جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء، واعتقالهم بعدها، تعكس ما وصفوه بأن الجماعة فقدت السيطرة وبدأت تلجأ إلى القمع كبديل عن الحوار والشرعية.

أوضاع صحية صعبة

جدد سياسيون وحقوقيون وناشطون إدانتهم الشديدة بما وصفوه "اعتقالاً جائراً" لثلاث شخصيات وطنية بارزة: الدكتور حمود العودي، الأستاذ عبد الرحمن العلفي، والأستاذ أنور خالد شعب، محمّلين ميليشيا الحوثي كامل المسؤولية عن تدهور أوضاعهم الصحية التي هي أصلاً في غاية السوء.

وأكد البيان أن اعتقال الدكتور العودي، الذي تجاوز الخامسة والثمانين من العمر ويعاني من ظروف صحّية بالغة سوءاً، بمثابة "جريمة ضد الإنسانية"، برغم أن أي نيابة تحترم القانون لا يمكن أن تقبل بسجن رجل في مثل هذا العمر.

كما ذكّر البيان بأن المهندس العلفي فقد إحدى عينيه نتيجة منع السفر للعلاج، وأجرى عدة عمليات قلب مفتوح ويحتاج إلى علاج دائم، بالإضافة إلى أن أوضاعه الصحية لا تسمح بالبقاء في الاعتقال، وكذلك الحال مع أنور خالد شعب الذي يعاني من حالة صحّية حرجة.

وأشاد البيان بأن هؤلاء الثلاثة يشكّلون جزءاً من "الرصيد الوطني لصناعة السلام في اليمن"، نظراً لإسهاماتهم في تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع، ودورهم في فتح الطرقات المغلقة بين المحافظات، مما يجعل اعتقالهم ليس فقط جريمة بحق الأفراد بل بحق المشروع الوطني بأكمله.

جريمة بحق الكلمة 

وصف الكاتب والصحفي اليمني البارز عبدالباري طاهر، حملة الاعتقالات التي نفّذتها الميليشيات الحوثية بحق المفكر والأكاديمي الدكتور حمود العودي وزميليه بأنها "جريمة بحق الكلمة الحرة والعقل النقدي".

وأوضح طاهر أن العودي "علَمٌ من أعلام اليمن، وأحد أبرز علماء الاجتماع الذين نذروا أنفسهم للمعرفة والعلم"، لافتًا إلى أن العودي تصدّى منذ ثمانينيات القرن الماضي لتيارات الإسلام السياسي السلفية وتعرّض للملاحقة والتكفير وحتى محاولة القتل داخل جامعة صنعاء، ما اضطره للتواري لفترة.

وأضاف أن اعتقال العودي وزملائه يأتي بسبب نشاطهم الثقافي والفكري في منتدى "دال" الذي أسسه العودي في منزله، والذي دعا إلى السلام والمدنية والتعايش. واعتبر طاهر أن "ما يجري من اعتقالات تعسفية ومصادرة للحريات العامة يعكس هشاشة السلطة وضعفها، وأن هذا النهج هو طريق الهلاك الذي سلكه كل الحكام الظلماء من قبل".

وختم بدعوة الضمائر الحيّة داخل اليمن والعالم العربي والإسلامي، وكذلك المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، إلى إدانة جرائم الاعتقال والاختطاف والاختفاء القسري التي تشهدها صنعاء وبقية مناطق اليمن، مؤكداً أن "الكلمة الحرة لن تُسكت، وأن القمع لا يصنع سلطة شرعية".

تعرية الذرائع

ومن جهته، قال الكاتب الصحفي محمد الخامري إن احتجاز الدكتور حمود العودي، الذي اشتهر بدعوته للسلام وحياديته التامة ونزوعه للحوار الحضاري بعيداً عن الانحياز لأي طرف، "لا يمكن أن يكون خطوة قانونية، ولا يمكن تبريره نهائياً، بل هو سلوك يشبه تصرفات العصابات لا ممارسات حكومية مسؤولة، كما تُقدّم نفسها حكومة صنعاء".

وأضاف: "استهداف رموز الفكر والأدب والدعوة السلمية لا يضعهم فقط في كفالة الضمير الوطني، بل يعرِّى أي ذريعة تُطرح باسم الأمن أو الاستقرار، ويحوّل الجهات القائمة في صنعاء إلى جهة تُخشى، كأي بلطجي يملك سلاح لا دولة تحمل هيبة النظام والقانون".

وانتهى الخامري بنداءٍ للقائمين على السلطة في صنعاء بأن "يتصرفوا بمسؤولية وطنية وقيم أخلاقية يمنية، ويطلقوا سراح الدكتور حمود العودي وزملائه المهندس عبد الرحمن العلفي وأنور خالد شعب، ويصحّحوا هذا الانحراف الذي يسيء إليهم قبل غيرهم، لأن الاستمرار في مثل هذه الإجراءات يُفاقم الاحتقان ضدهم، ويقوّض أي مقاربة للسلام، ويستبعد أي مصالحة يمكن أن تحصل بين الأطراف اليمنية، ويضع الجهات المسيطرة في مواجهة ضمير المجتمع الدولي والمحلي؛ وستُسجّل أفعالكم كدليل قاطع على غياب الحكمة والمسؤولية وممارسات الدولة".

رعب السلطة 

اعتبر النائب البرلماني أحمد سيف حاشد أن الاعتقالات التي نفّذتها سلطة صنعاء بحق شخصيات أكاديمية وسياسية بارزة تمثل "حمقاً متضاعفاً"، محذراً من تداعيات سياسية واجتماعية خطيرة قد تُعجّل بما يُخشى حدوثه.

وقال حاشد تعليقًا على قيام السلطة باعتقال الدكتور العودي وعبد الرحمن العلفي وأنور شعب بعد استدعائهم: "ما يحدث في صنعاء من اعتقالات حمق يتضاعف ويضاعف الاحتقان والتراكمات". وأضاف أن عمليات الاعتقال المتزايدة تُشِر إلى "انسداد سياسي ونوبات مخاوف تتحول إلى جنون سيكون له تداعياته وتعجيل ما يُخشى حدوثه".

كما ربط الناشط السياحي عادل الشبحي بين هذا الاعتقال وأزمة الثقة التي تواجهها جماعة الحوثي، مستدلاً بأن "اعتقال الدكتور حمود العودي هو أكاديمي مسن لم يكن طرفاً قط في الصراع أو الحرب ضد الحوثيين، بل حاول أن يبقى في علاقة مع سلطة صنعاء". 

وأضاف أن "هذا السلوك دليل على الفكر والمنهج الذي تتّبعه الجماعة ومدى تعايشها مع الشعب بكل شرائحه، وشمل قمعها الجميع أطفالاً ونساءً والمجتمع المدني والأكاديميين". وخلص إلى أن "جماعة الحوثي خطر على صنعاء وعدن وصعدة، وعلى القوى السياسية في الداخل وعلى الإقليم، فمن الصعب التعايش معها، ومن المستحيل أن يُحل السلام بوجودها في الصدارة مدججة بمليشياتها بالسلاح".

وقالت منظمة سام للحقوق والحريات إن ما جرى انتهاك جسيم لحقوق الإنسان"، ويعكس "تصاعدًا خطيرًا في سياسة استهداف الأصوات الفكرية والمجتمعية في صنعاء". وأضافت أن هذا الإجراء يُشكل انتهاكًا للمادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وللمادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، محمّلة جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن سلامتهم الجسدية والنفسية.