إعادة التموضع وترتيب النفوذ.. خبيرة أوروبية تحذر من استراحة الحوثيين في البحر الأحمر

السياسية - منذ 4 ساعات و دقيقة
عدن، نيوزيمن، خاص:

قالت الباحثة الأوروبية إليونورا أرديماني، وهي إحدى أبرز المتخصصين في شؤون اليمن، إن إعلان جماعة الحوثي وقف هجماتها في البحر الأحمر قد لا يشير إلى تحول جوهري في استراتيجية الجماعة، بل يُحتمل أن يكون مناورة تكتيكية تهدف لإعادة التموضع وإعادة ترتيب النفوذ، خصوصًا في ضوء الضربات الأخيرة التي تلقتها الجماعة. 

وأشارت الباحثة في حديث لها مع موقع Decode39، إلى أن الحوثيين، خلال العامين الماضيين، أعادوا تشكيل تدفقات التجارة العالمية وموازين القوة الإقليمية عبر هجماتهم البحرية. لكن، تقول: "لا ينبغي أبدًا أخذ تصريحات الحوثيين حرفيًا، لأن لغتهم السياسية دائمًا ما تكون مشبعة بالعناصر الدعائية والأدواتية."

وتضيف أن الرسالة من وقف الهجمات قد تكون إضفاء دور سياسي على عملياتهم، وربطها بـقرار إسرائيل بوقف إطلاق النار مع حماس، ما يمنح الحوثيين مكسبًا دبلوماسيًا وتعبويًا في آن واحد.

من الناحية التكتيكية، تشدد أرديماني على أن هذا التوقف يقلل من احتمال تعرض الحوثيين لهجمات إسرائيلية على أراضيهم، خاصة بعد مقتل رئيس أركانهم في غارة سابقة. كما يمنحهم الوقت لإعادة تنظيم صفوفهم، إصلاح البنى التحتية المتضررة، وتعزيز التحالفات الإقليمية بعيدًا عن الإدارة الإيرانية المباشرة. وقالت: "إن هذا يمنحهم الوقت لإعادة تنظيم أنفسهم وتعزيز التحالفات خارج إيران."

وترى الباحثة أن الحوثيين يستغلون التهدئة الخارجية لزيادة قمعهم الداخلي فهم يستهدفون ما يزعمون أنه "جواسيس" داخل مناطق سيطرتهم، ويلاحقون موظفي منظمات دولية مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر، ويعززون خطابهم بأن "الأعداء" داخليًا وخارجيًا يهددون وجودهم، وهو نموذج حكم يعتمد على التعبئة المستمرة. وبحسب أرديماني، إن وقف أعمالهم في الخارج لا يعني التراجع الكامل، بل إعادة تخصيص الموارد للتركيز على ترسيخ السيطرة الداخلية.

ورغم إعلان الحوثيين وقف الهجمات، تقول أرديماني إنها لا تتوقع اختراقات دبلوماسية كبيرة في الأجل القريب، لأن الحكومة اليمنية تواجه أولويات اقتصادية ملحّة مثل إدارة أزمة الكهرباء وتمويل رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين. كما تربط بينهم وبين قضية تهريب الأسلحة، معتبرة أن هذا الملف يبقى من أهم التحديات التي يمكن أن تحد من نفوذ الحوثيين إن ضُغطوا دوليًا وإقليميًا.

وتوضح الباحثة أن إستراتيجية اليمن وشركائه تتضمن عدة محاور مهمة أولها استئناف تصدير النفط من الموانئ الجنوبية لتوفير موارد مالية أساسية، وتأمين الساحل الجنوبي وتعزيز قدرات خفر السواحل بدعم دولي (السعودية، بريطانيا، وغيرها)، ومكافحة تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، مع أهمية الشراكات الإقليمية والدولية لتحقيق ذلك بصورة فعالة. هذه الأدوات، حسب أرديماني، تُعدّ من العوامل الحاسمة في الحد من قدرة الحوثيين على تمويل عملياتهم العسكرية والاقتصادية، وضرب أحد أهم مصادر قوتهم.

توقف الحوثيين عن هجمات البحر الأحمر ليس نقطة تحول نهائية، بحسب الباحثة؛ بل هو تكتيك لإعادة التموضع والموازنة بين الضغوط الإقليمية والداخلية. وفي الوقت الذي تعمل فيه القوى الإقليمية والدولية على ضبط استراتيجياتها، يبقى استئناف الهجمات مرتبطًا بحسابات الحوثيين حول البقاء، النفوذ، والفرص المتاحة. كما تؤكد أرديماني أن التهديد الحقيقي يكمن في ما يجري خلف الستار: قمع داخلي مكثّف، وتركيز موارد الجماعة على الحفاظ على قوتها، وليس التخلي عنها.