رحيل مفاجئ للداعية اليمني محمد المقرمي في مكة المكرمة
متفرقات - منذ 19 دقيقة
مكة، نيوزيمن:
تُوفي الداعية اليمني البارز المهندس محمد المقرمي فجر الأربعاء في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، عقب أدائه لمناسك العمرة — في لحظة وداع مؤثرة تركت أثرًا في الوسط الدعوي اليمني والعربي.
وذكرت مصادر مقربة أن الوفاة جاءت خلال تحضيره لصلاة الفجر، بعد مسيرة دعوية حافلة بالعطاء والإرشاد والخدمات الدينية والروحية للأجيال.
كتب نجله إبراهيم على صفحة والده على فيسبوك: "انتقل إلى رحمة الله تعالى والدي الشيخ محمد — رحمه الله رحمةً واسعة — وجعل ما قدّمه من خير في ميزان حسناته، وغفر له وتقبّله قبولًا حسنًا".
وينحدر محمد المقرمي من منطقة الحجرية في محافظة تعز، وكان مهندس طيران في الأصل، غير أن اختياره للدعوة والإرشاد جعله يُحقق توازنًا فريداً بين علم الدنيا وحكمة الدين. تميّز بأسلوبه الهادئ، ولسانه المؤثر، وقدرته على مخاطبة القلوب والعقول، ما أكسبه حضورًا واسعًا داخل اليمن وخارجها.
عرف بمواعظه المعتدلة ورسائله الدينية التي ركّزت على الوسطية والاعتدال، فنشط في المساجد والمنصات الدعوية واللقاءات العامة. كما ترك إرثاً رقمياً مهمًا عبر محاضراته على اليوتيوب والبودكاست. في أحدث ظهور له، شارك في بودكاست بعنوان "علوم"، حيث تحدّث عن رحلته الفكرية من عالم الهندسة إلى التأمل والتدبّر، مستعرضًا مناهج التعامل مع "شتات العقل" عبر القرآن.
كما ساهم في برنامج دعوي بعنوان "يمانون حول الرسول"، حيث دار الحديث حول قيم إسلامية وروحية، ولاقت حلقاته صدى واسعًا بين متابعيه.
وبدأت رسالة النعي تتلقاها منصات التواصل ودوائر الدعاة فور إعلان الخبر، حيث عبّر عدد من العلماء والدعاة عن صدمتهم لفقد هذا الصوت الذي جمع بين العلم والمعرفة والدعوة المؤثرة.
وفي بيان رسمي، نعت وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية الداعية الراحل، مُثنية على مسيرته الدعوية والتربوية التي امتدت لعقود. وأشادت الوزارة بدوره في تبسيط معاني القرآن، ونهجه الوسطي المعتدل، وقدرته على جذب قلوب كثيرين للسلوك القويم، معتبرة أنه "مثال للداعية الذي جمع بين العلم والدين والرفق والحكمة".
وأكدت الوزارة أنها ستعمل على نشر تراثه الدعوي والتربوي استفادةً من علمه وخطبه، في إطار جهودها لتعزيز الوسطية والاعتدال، ودعت للفقيد بالرحمة والمغفرة، ولأسرته وطلابه ومحبيه بالصبر والسلوان.
رحيل محمد المقرمي يُشكّل فقدانًا كبيرًا للحركة الدعوية اليمنية. فليس فقط لأنَّه كان صوتًا معتدلًا ومحبوباً، بل لأنَّه جسّد نموذج الداعية العصري — المهتم بتوظيف المعرفة العلمية والدين في آن واحد — ما جعله جسرًا بين أجيال مختلفة.
ومع غيابه يتجدد الخوف من أن تترك ساحات الدعوة فراغًا يحتله التطرف أو الخطاب المتشدد، خصوصًا في زمن يزداد فيه التوتر والتشرذم. وسيبقى إرثه الدعوي — من محاضرات وخطب ورسائل تربوية — مرجعًا لمن يريد الوسطية والاعتدال، ومعينًا لمن يطلب الإصلاح وتوجيه الدعوة بالدليل واللين.
>
