تطييف وطمس المعايير.. تدمير حوثي ممنهج للتعليم الأكاديمي في جامعة صنعاء
الحوثي تحت المجهر - منذ ساعة و 45 دقيقة
صنعاء، نيوزيمن، خاص:
تشهد جامعة صنعاء، الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، ما يصفه أكاديميون وناشطون بعملية تدمير ممنهجة للقطاع التعليمي الأكاديمي، عبر سلسلة من القرارات والممارسات التي تستهدف بنية التعليم الجامعي، وتمس استقلاليته ومعاييره العلمية، في إطار سعي الجماعة لإخضاع المؤسسات التعليمية لنهجها الأيديولوجي والطائفي.
وأفادت مصادر أكاديمية بأن المليشيا نفذت خلال السنوات الماضية سياسة إقصاء ممنهجة للكفاءات الأكاديمية المؤهلة، واستبدالها بعناصر موالية للجماعة، جرى تعيينها في مواقع قيادية داخل رئاسة الجامعة والكليات والأقسام، دون امتلاكها المؤهلات العلمية أو الخبرات الإدارية المطلوبة، ما انعكس سلبًا على جودة التعليم ومستوى البحث العلمي.
وفي هذا السياق، اتهم الناشط عبدالعزيز طاهر أحمد جامعة صنعاء بتكريس ازدواجية صارخة في التعامل مع الباحثين الأكاديميين، مشيرًا في منشور له على موقع فيسبوك إلى تقديم تسهيلات استثنائية لقيادات جماعة الحوثي، مقابل فرض عراقيل إدارية وشروط مشددة على أكاديميين وطلاب استوفوا المتطلبات العلمية والقانونية.
وأوضح أحمد أن عددًا من الباحثين، بينهم من حققوا مراكز علمية متقدمة، يواجهون تأخيرًا لسنوات في التعيين أو الحصول على مستحقاتهم، بما فيها منح التأهيل، التي يتم التعامل معها – بحسب وصفه – بمنطق "المنّ والوساطة"، إلى جانب فرض مطالب مالية مضاعفة وإجراءات معقدة.
وأشار الناشط إلى ما وصفه بنموذج صارخ للمحسوبية، متهمًا الجامعة بمنح رئيس المجلس السياسي الأعلى في سلطة صنعاء، مهدي المشاط، درجة الماجستير خارج الأطر الأكاديمية المعتادة، لافتًا إلى أن الدرجة مُنحت – وفق تعبيره – في دار الرئاسة، في سابقة اعتبرها ضربة مباشرة لسمعة الجامعة وتاريخها العلمي.
وأكد أحمد أن هذه الممارسات أسهمت في "تعطيل العقول وقتل الرغبة في تحصيل العلم"، وتحويل المؤسسات الأكاديمية إلى أدوات خاضعة للنفوذ والولاء السياسي، بدلًا من كونها منارات علمية مستقلة.
وفي تطور خطير، كشفت مصادر طلابية عن تنفيذ ميليشيا الحوثي برنامج تعبئة عسكرية وفكرية إجبارية داخل جامعة صنعاء، شمل أكثر من ألف طالب من كلية المجتمع، إلى جانب عدد من أعضاء هيئة التدريس والموظفين، بإشراف جهات تابعة لما تسمى وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي في سلطة الحوثيين.
وبحسب المصادر، أُلزم المشاركون بالخضوع لتدريبات ذات طابع عسكري، شملت التعامل مع الأسلحة، إلى جانب محاضرات تحمل مضامين طائفية وسُلالية، ضمن ما تسميه الجماعة "التأهيل لمواجهة الأعداء"، في انتهاك صارخ لحرمة الجامعات ودورها الأكاديمي.
ويأتي ذلك بالتوازي مع تعديلات واسعة في المناهج الجامعية، وإدخال مقررات ذات طابع طائفي وغير أكاديمي، ما اعتبره أكاديميون محاولة لإعادة صياغة الوعي الطلابي وفق أيديولوجيا الجماعة، على حساب المعايير العلمية المتعارف عليها، وحرية التفكير والبحث.
وتحذر تقارير أممية ودولية من أن استهداف التعليم في اليمن، خصوصًا في مناطق سيطرة الحوثيين، يُعد من أخطر تداعيات النزاع، حيث أكدت اليونسكو ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن عسكرة المؤسسات التعليمية وتسييس المناهج يهددان مستقبل أجيال كاملة.
ووثّقت تقارير حقوقية استخدام جماعة الحوثي للمؤسسات التعليمية في التعبئة والتجنيد، وفرض أيديولوجيا الجماعة على الطلاب. ويرى مراقبون أن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى انهيار منظومة التعليم الجامعي في صنعاء، وتجريف الهوية الأكاديمية لجامعة تُعد من أعرق الجامعات اليمنية، ما يهدد مستقبل البحث العلمي ويعمّق الفجوة المعرفية في البلاد.
>
