تحشيد عسكري مستمر.. أكثر من 500 سفينة حاويات تتجنب عبور البحر الأحمر

إقتصاد - Saturday 20 April 2024 الساعة 09:58 pm
المخا، نيوزيمن:

رغم التحشيد العسكري الأميركي والأوروبي المستمر، إلا أن المئات من سفن نقل الحاويات التي ترتبط بالموانئ الأميركية والأوروبية بآسيا تتجنب العبور من باب المندب والبحر الأحمر.

ما يجري في الممر المائي يؤكد أن الاضطرابات الحاصلة منذ نوفمبر الماضي سوف يطول أمدها؛ خصوصا وأن الهجمات الإرهابية التي تشنها الميليشيات الحوثية بدعم من إيران مستمرة وهو يكبد التجارة العالمية خسائر كبيرة غير متكافئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وبحسب تقرير وكالة التصنيف العالمية جرى تحويل ما يقرب من نصف جميع سفن الشحن والناقلات بعيداً عن البحر الأحمر إلى طرق بديلة حول رأس الرجاء الصالح في أعقاب الهجمات على السفن التجارية في مضيق باب المندب. 

ووفقاً لتحليل شركة "فليكسبورت" وتتبع مسار السفن التجارية، تواصل أكثر من 500 سفينة نقل حاويات تغيير مسارها عن البحر الأحمر منذ 19 يناير 2024. وهذا التغير المتواصل يؤكد أن العمليات العسكرية التي جرى إطلاقها من قبل الولايات المتحدة الأميركية تحت مسمى "حارس الازدهار" والاتحاد الأوروبي تحت مسمى "أسبيديس" غير مجدية لإيقاف وردع الهجمات الصاروخية التي تشنها الميليشيات الحوثية ضد السفن التجارية المارة قبالة سواحل اليمن.

والجمعة، أعلنت فنلندا انضمامها إلى القوات البحرية المشتركة، لتصبح العضو رقم 43 في التحالف الدولي الذي تتركز مهامه على حماية الأمن البحري الإقليمي في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن.

وقالت القوات البحرية المشتركة: "نرحب بانضمام فنلندا باعتبارها العضو رقم 43 في أكبر شراكة للأمن البحري في العالم، والتي تهدف إلى حماية الأمن البحري في منطقة الشرق الأوسط". مضيفةً: إنه مع انضمام فنلندا تصبح القوات البحرية المشتركة أكبر شراكة بحرية في العالم، تركز على دحر الإرهاب ومنع القرصنة وتشجيع التعاون الإقليمي وتعزيز بيئة بحرية آمنة، كما تدعم هذه الشراكة النظام الدولي المستند إلى القواعد من خلال دعم الأمن والاستقرار على مساحة أكثر من 3.2 مليون ميل مربع من المياه تشمل بعضا من أهم ممرات الشحن في العالم.

نتيجة ما يجري في البحر الأحمر من تحشيد عسكري وهجمات إرهابية حوثية، ارتفعت أسعار شحن الحاويات، إذ صعد مؤشر الحاويات العالمي، الذي يقيس التغير في أسعار الشحن عبر المسارات الرئيسية، بنسبة 151% منذ أوائل أكتوبر 2023 إلى الآن. وزادت الأسعار على الطرق بين آسيا وأوروبا بنسبة 284%، وأكثر من الضعف على الممرات الرئيسية الأخرى بين الشرق والغرب.

وأشار تقرير حديث لوكالة التصنيف العالمية أن الاضطرابات في البحر الأحمر تجاوزت توقعاتها الأولية في ديسمبر 2023، دون أي علامة على التراجع. وأدى تغيير مسار المرور حول إفريقيا إلى زيادة وقت العبور لحركة الحاويات على الطريق بين آسيا وأوروبا بنحو 50%.

تعتقد الوكالة أن الاضطرابات في البحر الأحمر تعمل على استمرار ارتفاع أسعار الشحن لفترة أطول. علاوة على ذلك، فإن تضخم تكاليف التشغيل وارتفاع رسوم الموانئ وارتفاع تكاليف الامتثال للوائح البيئية سوف يدعم أسعار الشحن قليلاً على المدى المتوسط والطويل. قدرت الوكالة أن تكاليف تشغيل شركات الشحن على الطرق المتأثرة قد زادت بنحو 50%، أقل بكثير من الزيادات الفعلية في الأسعار.

وفي تصريح لمدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، أكد أن الاضطرابات في المنطقة وتحديدا في البحر الأحمر أثرت على قطاع التجارة في المنطقة، مشيراً إلى أن بعض الدول المطلة على البحر الأحمر ستتأثر سلباً جراء التوترات.

وأضاف إن هناك "تغييراً جزئياً" في مسارات التجارة، إذ لجأت السفن التجارية إلى رأس الرجاء الصالح حول إفريقيا، بدلاً من باب المندب، للهروب من التوترات في المنطقة. ولكنه نبه إلى أن هذا التغيير يمكن أن يستمر، أو أن يكون مرحلياً، و"ينقشع عندما تتراجع نسبة المخاطر".

وقال جهاد أزعور: "إذ انخفضت التجارة عبر قناة السويس مثلاً بأكثر من 50% بين نوفمبر 2023 ونهاية فبراير 2024. بالإضافة إلى ذلك، تقلصت أحجام تجارة البضائع في بعض دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وخاصة تلك التي تعتمد على موانئ البحر الأحمر خلال هذا الإطار الزمني". لافتا إلى أن مداخيل قناة السيويس مصرية كانت تصل إلى نحو 700 مليون دولار شهرياً، إلا أنها تراجعت ما دفع البلاد إلى القيام بإجراءات مالية جديدة للتحوط من هذا التراجع.

وأشار تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي بعنوان "آفاق الاقتصاد الإقليمي" إلى أن تداعيات الاضطرابات في البحر الأحمر، طال أمدها، وتمتد لتطال النشاط الاقتصادي الذي سيتراجع بنحو 1% في اقتصادات الدول المطلة على البحر الأحمر، و0.3% في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأخرى وباكستان.

من الآن فصاعداً، يمكن أن يكون للتوترات الطويلة في مضيق باب المندب تأثير سلبي أعمق على التجارة والإنتاج، وخاصة بالنسبة للبلدان المطلة على البحر الأحمر، بحسب التقرير.