حينما دُحر الحوثي من تعز المدينة، استبشرنا خيرًا وقلنا ستعود الدولة وتبسط نفوذها على الجميع، وسنشهد ما يعوضنا عن معاناة عشناها في ظل القصف والقتل والحرمان من كل مقومات الحياة الآمنة. فقد عشنا في الظلام والخوف إبان سيطرة الحوثيين على تعز، عشنا برعب حقيقي، بلا خدمات ، بلا ماء، ولا كهرباء، ولا غاز، استخدمنا الحطب بدلًا عن الغاز، ولم نكن نجد شربة ماء، او حتى رغيف يابس، وزخات الرصاص والقذائف فوق رؤوسنا مثل المطر، وغيرها من الويلات والآلام التي يعرفها وعاشها التعزيون الذين ظلوا في تعز أيام تواجد الحوثيين فيها.
نعم، خرج الحوثيون من تعز ولم نعد نر حوثيًا واحدًا، ودخلت الشرعية، التي أثبتت أنها كيان هش، لم يستطع أن يعوّض تعز عن معاناتها مثقال ذرة. فها هي الخدمات في تعز تعاني الموات التام، كهرباء ميتة، ماء منعدم، أمن ضائع، والمعبشة لا تزال ضنكا، غصص وقهر وجوع وخوف يتقاذفنا من كل جانب.
حقيقة، ليس لدينا في تعز، كمواطنيين مطحونيين، ما نفاخر به في ظل سيطرة الشرعية، وبتنا نُقتل في اليوم ألف مرة ونموت آلاف المرات.
فحين أطلق البرئ المغدور، مرسال، صرخته المدوية"لا تقتلناش" لم تكن حروف موجعة أطلقها لحظة رعب من وحش بهيئة آدمي، بل كانت انعكاس لواقع مدينة عبث فيها العابثون، وتسلط عليها عديمو الإنسانية والوطنية. كانت صرخة يصرخها كل تعزي يعيش القهر والغصص والموت بأشكال وألوأن عديدة، ولكن لا حياة لمن تنادي ، في ظل واقع تعزي مزر، خابت بسببه كل الآمال، وتلاشت إمكانيات الحياة الكريمة المطمئنة.
تعز تحتاج لرجال أوفياء، رجال دولة وطنيين بحق، يكون همهم الأول والأخير خدمة الوطن والمواطن وليس التسلق على أكتافه، وسحق الضعفاء فيه.
تعز تحتاج العيش الكريم بعيدًا عن الذل والمهانة والخوف من أدعياء حب الوطن، وحب هذه المدينة المنهكة.
وسنظل نطلقها صرخة مدوية تؤلمنا كل لحظة" لا تقتلوناش" إلى أن نجد من يخدم تعز بإنسانية وولاء لله والوطن.