من المياه إلى الغاز المنزلي.. فساد الإخوان يغرق تعز بالأزمات

السياسية - منذ 3 ساعات و 42 دقيقة
تعز، نيوزيمن، خاص:

تعيش مدينة تعز، وسط اليمن، أوضاعًا إنسانية ومعيشية بالغة الصعوبة، مع استمرار تدهور الخدمات الأساسية وتفاقم الأزمات التي تثقل كاهل السكان. فالمدينة التي تعاني من حصار طويل وتدهور في البنية التحتية، تواجه اليوم موجة جديدة من الأزمات المتداخلة، نتيجة توغل الفساد في مؤسسات الدولة وتخلي السلطات المحلية عن القيام بواجباتها.

وعلى الرغم من تصاعد معاناة المواطنين، تفشل السلطة المحلية، المختطفة من قبل جماعة الإخوان، في اتخاذ معالجات حقيقية أو مستدامة للأزمات المتلاحقة، ما يترك السكان في مواجهة يومية مع الغلاء، وانعدام الخدمات، وشح الموارد، دون أي أفق لحلول قريبة.

من بين الأزمات الخانقة التي تعصف بتعز، تبرز أزمة المياه التي تدخل شهرها الثاني، وسط سخط شعبي واتهامات مباشرة لمسؤولين في مؤسسة المياه بالوقوف خلف تفاقم المعاناة.

وتشير مصادر محلية إلى أن بعض المسؤولين المحسوبين على حزب الإصلاح الإخواني متورطون في التلاعب بكميات المياه المخصصة للمواطنين، حيث يتم تحويل الإمدادات من الآبار الجوفية الحكومية إلى صهاريج مياه خاصة تقوم بشراء المياه بأسعار رمزية، ثم إعادة بيعها للمواطنين بأسعار مضاعفة.

وتؤكد شهادات مواطنين أن صهاريج المياه الخاصة تعبئ 1000 لتر من المياه بسعر 1000 ريال يمني من الآبار الحكومية، ثم تُباع الكمية نفسها للمواطنين بسعر يتجاوز 5000 ريال، في وقت تُمنع فيه الإمدادات عن المنازل بأوامر من مسؤولين نافذين داخل المؤسسة.

وتنقسم التفسيرات الرسمية للأزمة، حيث يعزوها مسؤولون في قطاع المياه إلى عدة عوامل، من بينها أن الآبار الجوفية الرئيسية تقع في مناطق تحت سيطرة ميليشيا الحوثي التي تمنع وصول المياه إلى المدينة المحررة. كما أشاروا إلى أن بعض كميات المياه تُحوّل لري مزارع القات، ما يؤدي إلى استنزاف المخزون الجوفي. إلا أن مصادر من داخل المؤسسة تؤكد أن السبب الأبرز للأزمة الراهنة هو الفساد والتلاعب المباشر بمخصصات المياه، ووجود "مافيا" تتحكم في عملية التوزيع من خلال وقف الضخ المنزلي لصالح البيع التجاري، ما يضيف عبئًا ماليًا جديدًا على كاهل المواطنين الذين يرزحون تحت وطأة تأخر صرف الرواتب، والانهيار الاقتصادي، والارتفاع الجنوني في الأسعار.

وفي مشهد آخر من المعاناة المتصاعدة، تواجه محافظة تعز أزمة خانقة في مادة الغاز المنزلي، حيث برزت خلال الأيام القليلة الماضية اختناقات شديدة في توزيع الغاز، ما زاد من الضغط على الأسر المنهكة أصلًا بأزمات الكهرباء والمياه.

ويقول مواطنون إنهم اضطروا إلى العودة لاستخدام الحطب والخشب لتجهيز الطعام، بسبب غياب أسطوانات الغاز وارتفاع أسعارها في السوق السوداء. وتشير مصادر محلية إلى أن الأزمة ناتجة عن خلافات بين أطراف نافذة داخل المحافظة حول عائدات الغاز المخصص لتعز من حقول الإنتاج في محافظة مأرب، ما أدى إلى عرقلة وصول الكميات المخصصة واحتكار المتوفر منها من قبل تجار السوق السوداء.

وأكدت مصادر محلية في تعز أن سبب أزمة الغاز المنزلي يعود إلى تدخل محور تعز العسكري، الذراع المسلح للإخوان في المدينة، عبر مساعٍ لفرض إتاوات غير قانونية على كل أسطوانة غاز.

ووفقًا لما ذكره الكاتب الصحفي البارز في تعز، مرزوق ياسين، فإن الذراع العسكري الإخواني يمارس ضغوطًا على السلطة المحلية والحكومة بهدف رفع موارده غير القانونية من الغاز إلى 7 مليارات ريال. مضيفًا أن ما يحدث من أزمات واختناقات تموينية في مدينة تعز مرتبط بمحاولات فرض الجبايات بالقوة.

وأشار ياسين، في منشور على صفحته في "فيسبوك"، إلى أن الجيش في تعز فرض في العام 2022م مبلغ 100 ريال على كل أسطوانة غاز، بموجب محضر تم التوقيع عليه في منزل أحد وكلاء المحافظة. وفي العام 2024، فرض الجيش 500 ريال على كل أسطوانة بقوة السلاح، ما تسبب في اعتقالات لعاملين وموظفين في مكتب الشركة. كما فُرض لاحقًا مبلغ 100 ريال بحجة تخصيصه لجرحى الجيش. ويجري حاليًا، بحسب ياسين، الضغط من خلف الكواليس لتمرير مبلغ 300 ريال إضافي على كل أسطوانة تباع في مناطق الشرعية بتعز، رغم أن الحصة التسويقية السنوية للمحافظة تصل إلى 7 ملايين أسطوانة.