رغم الانتهاكات ونهب المساعدات.. الغذاء العالمي يعود للعمل تحت عباءة الحوثي

إقتصاد - Tuesday 01 July 2025 الساعة 08:12 pm
صنعاء، نيوزيمن:

بشكل مفاجئ وفي خطوة أثارت الكثير من التساؤلات والجدل، أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عن استعداده لاستئناف أنشطته في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بعد أشهر من التوقف جراء انتهاكات متكررة تعرضت لها برامجه من قبل الجماعة، بما في ذلك أعمال نهب وعرقلة متعمدة لعمليات الإغاثة.

وجاء إعلان العودة، بحسب وكالة "سبأ" بنسختها التابعة للحوثيين، على لسان القيادي الحوثي جمال عامر، المعين وزيراً للخارجية في حكومة الجماعة غير المعترف بها دولياً، حيث أفادت الوكالة أن عامر تسلم إشعاراً رسمياً من القائم بأعمال الممثل المقيم لبرنامج الأغذية العالمي، باي ثابا، يؤكد على "التحضير لاستئناف البرنامج صرف الدورة الثانية من المساعدات الغذائية الطارئة".

الخطوة الأممية أثارت دهشة المراقبين والناشطين في الشأن الإنساني، خاصة أن برنامج الغذاء العالمي نفسه سبق وأن اتهم الحوثيين بشكل مباشر بـ"سرقة الطعام من أفواه الجائعين"، في حين وثّقت تقارير دولية انتهاكات واسعة النطاق ارتكبتها الجماعة ضد البرنامج والعاملين فيه، من ضمنها نهب مخازن المساعدات، كما حدث في محافظة صعدة خلال مارس 2025. وإيضا مقتل أحد موظفي البرنامج أثناء فترة احتجازه داخل سجن في صعدة مطلع فبراير من ذات العام.

وأفادت مصادر إغاثية عاملة في صنعاء لـ "نيوزيمن" إن عودة برنامج الغذاء العالمي للعمل في مناطق سيطرة الحوثيين تمثل خطوة مثيرة للقلق، كونها تأتي دون أي ضمانات حقيقية لوقف الانتهاكات، أو توفير بيئة آمنة وشفافة لتوزيع المساعدات.وتؤكد المصادر أن القرار سيظل "مختطفاً" من قبل الجماعة، التي تعمل على توظيف المساعدات لصالح أجنداتها العسكرية والسياسية، من خلال حصر توزيعها على الموالين لها، أو استخدامها كأداة للابتزاز المجتمعي وإجبار الأسر على تقديم أطفالها للقتال، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية والإنسانية.

ويرى مراقبون أن هذا التطور يعكس ما وصفوه بـ"ازدواجية المعايير" في تعامل المنظمات الأممية مع جماعة الحوثي، خصوصاً أن إعادة تفعيل الأنشطة الإغاثية جاءت دون معالجة الملفات الشائكة السابقة أو إعلان آليات رقابة جديدة تضمن عدم تكرار عمليات النهب أو التلاعب بالمساعدات. 

ومطلع يونيو الماضي قد شهد تطورًا لافتًا في مسار العلاقة بين برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وجماعة الحوثي، إذ وافق البرنامج على تبني اشتراطات الجماعة المتعلقة بآلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرتهم. وبحسب وثائق وبيانات رسمية، فقد وافق البرنامج الأممي على اعتماد سلطنة عُمان كممر وحيد لدخول المساعدات، بدلاً من موانئ ومنافذ الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وهو ما أثار انتقادات واسعة من منظمات وناشطين اعتبروا الخطوة "خضوعًا لضغوط الحوثيين".

وكانت جماعة الحوثي قد رفضت بشكل قاطع إدخال المساعدات عبر موانئ الشرعية، مشترطة أن تمر كافة الشحنات الإنسانية عبر سلطنة عُمان، حيث تنشط عدد من الشركات التجارية التابعة للقيادي الحوثي محمد عبدالسلام فليته، رئيس وفد الجماعة المفاوض. ووفقًا لبيان حديث صادر عن البرنامج، فقد أبلغت الجماعة المنظمات الإنسانية أنها "تسمح" بمرور المساعدات إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، لكن بشرط أن يكون مصدرها سلطنة عُمان فقط.

وتبنّى برنامج الغذاء العالمي هذه الشروط، وعممها على جميع شركائه الإنسانيين، داعيًا إلى أخذ هذا التوجيه "في الاعتبار" عند وضع خطط الطوارئ، وذلك لحين استئناف حركة الشحن إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين. 

وأشار البرنامج إلى أن نشاط الميناء ما يزال متوقفًا بسبب أضرار جسيمة لحقت به إثر غارات جوية  منتصف مايو الماضي، متوقعًا استئناف العمل فيه بحلول يوليو المقبل. غير أن الحوثيين يصرون على أن تكون شحنات المساعدات القادمة إلى مناطقهم عبر المسار العماني فقط.