عنصرية وطائفية حوثية.. صمت تجاه شرف الدين وتحرك قبلي واسع لإنقاذ الزايدي

السياسية - منذ 3 ساعات و 50 دقيقة
عدن، نيوزيمن، خاص:

كشفت حادثتا توقيف اثنين من القيادات الحوثية الميدانية والسياسية مؤخرًا، عن واقع التمييز المناطقي والعنصري داخل جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وسط انتقادات متصاعدة لطريقة تعاملها التفضيلي مع بعض الشخصيات، وتجاهلها الفاضح لآخرين رغم ولائهم الطويل للجماعة.

فبعد أيام من احتجاز القيادي البارز هشام شرف الدين، الذي شغل منصب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا، أثناء محاولته مغادرة البلاد عبر مطار عدن الدولي، اكتفت الجماعة ببيان مقتضب دعت فيه إلى الإفراج عنه، مطالبة المنظمات الدولية بالتدخل العاجل لضمان حقه في العلاج والسفر دون قيود، دون أن تبدي أي تحرك فعلي على الأرض لمتابعة مصيره أو الضغط للإفراج عنه.

لكن هذا الموقف الباهت والبارد من جماعة الحوثيين تجاه هشام شرف، بدا على النقيض تمامًا من ردّ فعلها الغاضب والسريع عقب احتجاز أحد قيادييها الميدانيين، محمد أحمد الزايدي، قبل أيام في منفذ صرفيت بمحافظة المهرة، أثناء محاولته مغادرة اليمن صوب سلطنة عُمان.

ففي هذه الحالة، خرجت بيانات حوثية رسمية صاخبة، تتهم السلطات الشرعية بالتعدي على حقوق "مجاهد من مجاهديها"، بينما سارعت قيادات حوثية عليا إلى إصدار تصريحات وتهديدات علنية، بل ووصل الأمر إلى إرسال وفد قبلي حوثي مسلح إلى المهرة للضغط باتجاه الإفراج عنه، في تحرك يكشف بشكل صارخ حجم التباين في معايير التعامل بين "أبناء السلالة" وغيرهم، حتى داخل صفوف الجماعة نفسها.

مصادر سياسية في صنعاء أكدت أن هشام شرف، الذي يعد من أبرز وجوه حزب المؤتمر الشعبي العام - جناح صنعاء، تمكن من مغادرة العاصمة والفرار إلى عدن قبل أن يتم توقيفه في المطار، وسط غياب كامل لأي متابعة من جماعة الحوثيين التي كان أحد وجوهها السياسية طيلة السنوات الماضية.

وأكدت المصادر أن "شرف لم يتلقَّ أي تواصل أو دعم من الحوثيين طوال فترة احتجازه، ما يعكس التمييز الذي تمارسه الجماعة على أساس الانتماء المناطقي والقبلي، كون شرف لا ينتمي إلى الدوائر الضيقة التي تحتكر القرار داخل الجماعة".

ورغم السماح له بالتواصل مع أسرته، وتلقيه اتصالات من سفارات أجنبية، إلا أن جماعة الحوثي لم تُظهر أي نية فعلية لحمايته أو المطالبة الجدية بإطلاق سراحه، أو إرسال وفود أو شخصيات وسيطة كما تعمل عادة مع قياداتها الذين يتم اعتقالهم أو أسرهم في الجبهات،وهو ما دفع مراقبين لاعتبار أن "من لا ينتمي إلى بيت الحوثي لا قيمة له حتى لو خدمهم عشرين عامًا".

في المقابل، تواصل جماعة الحوثي تحركاتها الواسعة للإفراج عن القيادي محمد أحمد الزايدي، من خلال حشد قبلي وأمني واسع في محافظة المهرة. وأكدت مصادر محلية أن وفدًا قبليًا مسلحًا من قبيلة خولان، يقوده توفيق مبارك المشن الزايدي نجل أحد أبرز أعضاء المكتب السياسي الأعلى للحوثيين، وصل إلى المهرة للقاء القيادي الإخواني علي سالم الحريزي المعروف بعلاقاته القوية مع الجماعة.

ويتمركز الوفد حاليًا في منطقة صحراوية بالمهرة، تحت حماية مباشرة من الحريزي، فيما تسعى الجماعة من خلال هذا الوفد إلى فرض ضغوط قبلية وأمنية للإفراج عن الزايدي المحتجز.

الوفد يضم شخصيات بارزة في شبكة الخلايا الحوثية النشطة، منهم عباد الزايدي القيادي في جهاز مخابرات الجماعة والمتورط سابقًا في عمليات اختطاف لسياح أجانب عام 2006، إلى جانب مبخوت طعيمان قائد جبهة المخدرة، وبدر الزايدي، نجل القيادي المحتجز.

ويشير مراقبون إلى أن الطريقة التي تعاملت بها ميليشيا الحوثي مع الحالتين تفضح حقيقة التمييز البنيوي الذي يضرب مؤسسات الجماعة من الداخل، والذي يقوم على مبدأ السلالة والمناطقية والولاء الطبقي، وليس الكفاءة أو الخدمة أو الانتماء السياسي.

ويقول نشطاء سياسيون في صنعاء: "ميليشيا الحوثي لا تعتبر كل أفرادها متساوين، فالمؤتمري أو التكنوقراطي لا يحظى بأي دعم حقيقي إذا لم يكن من صعدة أو العائلات الهاشمية أو أسر آل البيت كما يطلقون على أنفسهم، فالجماعة تتعامل مع غير السلاليين كأدوات يمكن الاستغناء عنها في أي لحظة".

وتزايدت في الآونة الأخيرة الأصوات المنتقدة لسياسات الحوثيين العنصرية في التعيينات والقرارات والمخصصات المالية وحتى في التضحية بالموالين خارج إطار العائلة الحاكمة، وهو ما يجعل من بقاء الجماعة وحدة متماسكة على المدى الطويل أمرًا مشكوكًا فيه.