حملة حوثية ضد سلطان السامعي.. تهمة العمالة والتطبيع في مواجهة الانتقاد

السياسية - منذ 4 ساعات و 5 دقائق
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

برزت ميليشيا الحوثي الإيرانية كأحد الفاعلين الرئيسيين الذين يوظفون القضية الفلسطينية كأداة سياسية ووسيلة لتصفية الحسابات الداخلية، لا سيما ضد خصومهم السياسيين والمجتمعيين الذين ينتقدون سياساتهم الطائفية والإجرامية. ولم تعد مجرد مسألة دعم أو رفض للقضية الفلسطينية، بل تحولت إلى تهمة جاهزة تُطلقها الجماعة الحوثية على كل من يجرؤ على معارضة مشروعها أو كشف فسادها ونهبها للمال العام أو من يعارض سياساتها الإقصائية والمناطقية.

تهمة "العمالة للعدوان الإسرائيلي" و"الجاسوسية للموساد" أصبحت اليوم أسلحة إعلامية تستخدمها الميليشيات بشكل متكرر لتشويه سمعة المعارضين وعرقلة أي جهود أو مبادرات شعبية حقيقية للدعم الفلسطيني. وهذه الاتهامات الطائفية والسياسية لا تتجاوز كونها وسيلة لقمع الأصوات المنتقدة وتثبيت هيمنة الحوثي على السلطة، مستغلة القضية الفلسطينية التي تحظى بتعاطف عربي وإسلامي واسع في الداخل اليمني والمنطقة.

يُعد موقف الميليشيات الحوثية من القضية الفلسطينية نموذجًا صارخًا على كيفية استغلال الجماعات المسلحة لقضايا الأمة الكبرى في صراعاتها الخاصة. ففي حين تدّعي الجماعة تمثيل موقف مقاوم للشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، فإنها في الحقيقة توظف القضية كغطاء سياسي لتصفية حسابات داخلية، وضرب أي صوت معارض يهدد مشروعها الطائفي.

>> السامعي يقر بحقيقة نهب وفساد سلطة الحوثي: من كانوا حفاة أصبحوا يملكون شركات ووكالات

أحدث هذه الحملات كان ضد القيادي الحوثي البارز سلطان السامعي، عضو ما يسمى المجلس السياسي الأعلى للجماعة، والذي أثار جدلاً واسعًا خلال الأيام الماضية بعد تصريحاته التي كشفت فيها عن مدى فساد الميليشيا وغياب الشفافية في إدارتها للسلطة بصنعاء. 

لم يكن موقف السامعي من الأوضاع الداخلية وحده هو ما أثار غضب الجماعة، بل موقفه من القضية الفلسطينية وتحديدًا إدانته لإغلاق معبر رفح وحديثه عن ضرورة قبول حل الدولتين في فلسطين، وهو الموقف الذي قوبل بحملة اتهامات شرسة من قيادات ونشطاء حوثيين وصفت تصريحات السامعي بـ"الترويج لإسرائيل الكبرى".

وجه الحوثيون اتهامات للسامعي بأنه يسعى لنشر أفكار تخدم العدو الإسرائيلي، متجاهلين أن "حماس" نفسها اعترفت في وثيقتها السياسية لعام 2017 بدولة فلسطينية على حدود عام 1967، وهو الموقف الذي يضع هذه الاتهامات في خانة الارتجال والتسييس الخالي من المنطق.

وفي هذا الإطار، تظهر ازدواجية واضحة في مواقف الميليشيا، حيث تهاجم بشدة أي شخصية تنتقدها من خارج صنعاء، بينما تصمت أو تتعامل بتساهل مع انتقادات مماثلة من داخل المدينة. فالمواقف التي تُظهرها ضد السامعي ليست سوى تعبير عن خوف الجماعة من أي صوت مساند للمدنية أو يعارض توجهاتها الطائفية التي تستغل القضية الفلسطينية لتصفية الحسابات.

ويقول الصحفي البارز خليل العمري في صفحته في منصة إكس في مخاطبته لسلطة الحوثيين: "قبل أن تحاربو فكرة حل الدولتين في فلسطين، يجب عليكم أن تواجهو الواقع المعقد داخل اليمن الذي لا يقل إشكالية عن القضية الفلسطينية، حيث اليمن مقسمة إلى "خمس دول" منذ عشر سنوات". 

وأضاف العمري أن هذا الخطاب الانتقائي والازدواجي يفضح حجم التناقض بين المواقف المعلنة للحوثي وممارساته الفعلية، ويكشف كيف يُستخدم ملف القضية الفلسطينية كأداة لتشويه المعارضة وإخضاع المجتمع لسياسة استبدادية تنبع من أيدولوجية طائفية ومصلحية بحتة".

في ظل هذه المعطيات، يبقى من المهم التأكيد على ضرورة الفصل بين القضية الفلسطينية العادلة، التي تتطلب دعمًا حقيقيًا من كافة القوى الوطنية والإسلامية، وبين محاولات بعض الأطراف، وعلى رأسها ميليشيا الحوثي، لتوظيفها في معاركها الخاصة التي لا تخدم سوى مصالحها الحزبية والطائفية الضيقة.

كما دعا ناشطون وسياسيون يمنيون، بمن فيهم القيادي سلطان السامعي، إلى كفّ الميليشيات عن تشويه المواقف النبيلة وتحويلها إلى أدوات لقمع المعارضة وقهر الشعب اليمني، مؤكدين أن القضية الفلسطينية لا يجب أن تتحول إلى ورقة ابتزاز سياسي، وأن المجتمع اليمني بأطيافه المتعددة يستحق أن يعيش في ظل وحدة وطنية حقيقية دون استغلال قضايانه الكبرى من أجل تحقيق مكاسب ضيقة.

وخاطب الصحفي خليل العمري ونشطاء أخرين على مواقع التواصل الاجتماعي ميليشيا الحوثي بالقول: "كفاكم تشويهًا للمواقف العظيمة بالتوظيفات الرخيصة، وآن الأوان لتحويل الدعم الفلسطيني إلى عمل شعبي ووطني نابع من قناعات وليس من استغلال المواقف لمآرب خاصة."