استهداف قوات النخبة وعرقلة الإمدادات.. حضرموت تحت تهديد الفوضى

الجنوب - منذ ساعتان و 51 دقيقة
المكلا، نيوزيمن، خاص:

تشهد محافظة حضرموت، شرقي اليمن، حالة توتر متصاعدة إثر تحركات تقودها خلايا مسلحة يُعتقد ارتباطها بتنظيم الإخوان وخلية مسقط التي يتزعمها القيادي الموالي للحوثيين في المهرة علي الحريزي، في تطور يصفه مراقبون بأنه محاولة ممنهجة لإرباك المشهد الأمني وجر المحافظة نحو أتون الفوضى بعد سنوات من الاستقرار النسبي الذي تحقق بفضل جهود قوات النخبة الحضرمية.

وبحسب مصادر محلية وأمنية، فإن هذه التحركات تأتي في سياق محاولات لإحياء أنشطة تهريب السلاح والمخدرات عبر طرق الساحل والبادية وربطها بشبكات تمويل تعمل خارج إطار الدولة، مستغلة التحديات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد. وتُتهم هذه المجموعات بأنها تسعى لإعادة تموضعها في مناطق حساسة قرب طرق الإمداد الحيوية ومنافذ التصدير النفطي.

وقالت المنطقة العسكرية الثانية، إن قوة من قوات النخبة الحضرمية تعرضت لكمين مسلح أثناء تنفيذها مهمة ميدانية في مديرية غيل بن يمين بمحافظة حضرموت، ما أدى إلى اندلاع اشتباك مسلح أسفر عن إصابة ثلاثة من المهاجمين واعتقال عدد آخر، فيما لاذ آخرون بالفرار.

وأوضح بيان المنطقة أن المجموعة المهاجمة تتبع المدعو سالم الغرابي، الذي أقدم وعناصره على اعتراض طريق القافلة العسكرية في منطقة العكدة وفتح النار على القوات، مما استدعى الرد الفوري من وحدات النخبة.

وتأتي هذه الحادثة بعد اشتباكات مماثلة في منطقة رَسب، حيث اعترضت نقطة قبلية مستحدثة قواطر وقود مخصصة لمحطات الكهرباء، ما أدى إلى تبادل إطلاق نار خلف أربعة جرحى بينهم جندي.

وأكدت قيادة المنطقة العسكرية في بيانات متتالية أنها "لن تسمح بتهديد أمن حضرموت وستتعامل بحزم مع أي محاولات لإعاقة وصول الإمدادات الحيوية أو زعزعة الاستقرار"، في إشارة واضحة إلى تصاعد التحركات المسلحة في الطرق الرابطة بين مديريات الساحل والوادي.

وتشير مصادر ميدانية إلى أن سالم الغرابي، الذي تتهمه السلطات بالوقوف وراء الكمين الأخير، ينتمي إلى شبكة قبلية لها امتدادات سياسية وأمنية مشبوهة، وتربطه علاقات وثيقة مع مجموعات تعمل بتنسيق غير مباشر مع القيادي الإخواني في المهرة علي سالم الحريزي، المتهم بدعم تهريب الأسلحة وتمويل جماعات مسلحة تعمل ضد مصالح الدولة والتحالف العربي.

وتقول التحليلات الأمنية إن التحالفات بين الغرابي والحريزي تمثل نقطة التقاء بين شبكات تهريب وأجندات سياسية متقاطعة تهدف إلى إضعاف سلطة الدولة في حضرموت وإرباك جهود الأمن المحلي، خصوصًا على امتداد الساحل الممتد نحو المهرة.

كما تؤكد مصادر عسكرية أن جهات إقليمية تحاول استغلال هذه الخلايا لإعادة إشعال الفوضى في مناطق حيوية تقع ضمن نطاق السيطرة الجنوبية، بهدف تشتيت الجهود الأمنية والعسكرية التي تركز على مكافحة الإرهاب وتأمين الممرات البحرية.

الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت أصدرت بيانًا شديد اللهجة أدانت فيه الهجوم الإجرامي على قوات النخبة الحضرمية، مؤكدة أن الهدف من هذه العمليات هو ضرب حالة الأمن والاستقرار التي ترسخت في المحافظة بفضل تضحيات النخبة الحضرمية.

وأكد البيان أن قوات النخبة "هي الدرع الحصين لحضرموت وحاضنتها الاجتماعية"، وأن ما تحقق من منجزات أمنية في الساحل يشكل نموذجًا يحتذى به على مستوى البلاد. وشددت الهيئة على رفضها لأي تشكيلات أو جماعات مسلحة تعمل خارج إطار النخبة الحضرمية، معتبرة أن "أي محاولة لتشكيل قوى موازية أو خارجة عن القانون تمثل تهديدًا مباشرًا لأمن المحافظة".

ودعت الهيئة الجهات الأمنية إلى التحرك العاجل لملاحقة المتورطين وإحالتهم إلى القضاء دون تأخير، مؤكدة أن أمن حضرموت "خط أحمر لا يمكن المساس به"، ومجددة دعمها الكامل لقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

ويرى مراقبون أن ما يحدث في حضرموت ليس مجرد نزاع محلي محدود، بل هو امتداد لمحاولات سياسية وأمنية لإعادة خلط الأوراق في المحافظات الجنوبية عبر أدوات محلية موالية لجماعات معادية للدولة.

وتتقاطع هذه التحركات مع تصعيد حوثي وإخواني متزامن في مناطق متفرقة من البلاد، ما يعكس محاولة لزعزعة الاستقرار في المناطق المحررة وتشتيت جهود الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

ويؤكد المراقبون أن احتواء هذه التحركات يتطلب توحيد الجبهة الأمنية في حضرموت، ودعم أجهزة الدولة في مواجهة أي محاولات لإعادة إنتاج الفوضى، مشيرين إلى أن استقرار المحافظة يمثل ركيزة أساسية لاستقرار الجنوب والبحر العربي وممرات التجارة الدولية.

وصف الإعلامي والصحفي أمجد يسلم الحالة الراهنة في حضرموت بأنها "تحوّل خطير من منطق الحقوق إلى منطق الفوضى"، مشيرًا إلى أن المشروع القبلي الذي انطلق تحت شعار المطالبة بالحقوق عبر ما يُعرف بـ حلف بن حبريش، تحول تدريجيًا إلى حالة من التسيّب، حيث أصبحت كل قبيلة وكأنها "دولة مصغّرة" تفرض جباياتها الخاصة تحت مبرر الحماية.

وأضاف يسلم أن الطريق الرابط بين المكلا والهضبة لم يعد طريقًا واحدًا، بل أصبح مليئًا بالحواجز التي تحولت إلى "مزادات مسلحة" تُجبر السائقين على دفع مبالغ مالية للمرور، ما انعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين ورفع أسعار السلع والخدمات.

وحذر يسلم من أن أخطر ما تواجهه المحافظة اليوم هو ضعف هيبة الدولة أمام تصاعد نفوذ الجماعات القبلية المسلحة، محذرًا من أن استمرار هذا الوضع سيحوّل حضرموت إلى "خارطة من النقاط والمسلحين" بدلًا من أن تكون نموذجًا للاستقرار.واختتم تصريحاته بدعوة إلى "نقطة نظام" تعيد التوازن بين سلطة القبيلة والدولة، وتضع حدًا للفوضى التي باتت تهدد الأمن المجتمعي، مؤكدًا أن الحقوق لا تُنتزع بالتقطّع، ولا تُصان الكرامة بالفوضى.