عادل البرطي

عادل البرطي

تابعنى على

بينما تُغتال الدولة... مدينة التربة تبكي ضابطها وتهرب القتلة

منذ ساعتان و 18 دقيقة

في صباحٍ باكر من أول أيام أكتوبر، وبينما اليمنيون يستعدون لاستقبال يوم جديد من كفاحهم ضد الجوع والخوف والفوضى، كانت مدينة التربة بمحافظة تعز على موعد مع جريمة لا تشبه إلا فوضى هذا الزمن المنكسر... جريمة اغتيال ضابط أمن أمام مرأى المدينة وصمت الدولة.

الضحية هذه المرة كان الضابط محمد الرميح، أحد أبناء مديرية الوازعية؛ سقط مضرجًا بدمه، ومعه جريحان، برصاص عصابة يقودها المدعو مختار الزريقي، أحد الأذرع الميدانية التابعة لما يسمى بـ«اللواء الرابع جبلي»، وهو تشكيل عسكري خاضع لهيمنة تنظيم الإخوان المسلمين، ومتورط منذ سنوات في زرع الفوضى داخل مناطق الحجرية.

لم تكن الجريمة صادمة فقط لبشاعتها، بل لأن منفذيها دخلوا إلى قلب المدينة، شاركوا في جريمة قتل، وخرجوا منها كما لو كانوا فوق القانون.

كيف يُقتل رجل أمن في وضح النهار؟

كيف تمر الجريمة عبر عشرات النقاط الأمنية والشرطية والعسكرية دون اعتراض؟

ولماذا لم يتم القبض على القتلة رغم أن هوياتهم وأسماءهم معروفة؟

الإجابة مرعبة أكثر من الأسئلة نفسها.

القتلة محميون.

بل إنهم ليسوا مجرد قتلة... بل أداة في يد منظومة فساد وعنف تُدار من داخل معسكرات الدولة نفسها.

فـ«مختار الزريقي» لا يتحرك من فراغ؛ خلفه يقف «الجبولي»، قائد اللواء الرابع جبلي، وذراعه العسكرية «الشطاف»، والرجل الثالث في المنظومة «عبده سعيد الزريقي».

شبكة مترابطة تتحرك باسم الدولة، وتعمل ضد الدولة، وتغتال رجالها، بينما تحوّل سجونها إلى معتقلات للأطفال في المقاطرة ومعبق.

نعم، الأطفال يُعتقلون... والقتلة يُحمون.

منطق مقلوب يجعل من الضحية مجرمًا، ومن المجرم بطلاً، طالما أنه تابع لتنظيم لديه غطاء سياسي وعسكري.

الحادثة الأخيرة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة إذا استمر الصمت؛ بل إن خيوط الفوضى تتصل اليوم بتنظيمات أكبر وأكثر خطرًا، وعلى رأسها مليشيا الحوثي، التي تتقاطع مصالحها بشكل مخيف مع نفوذ بعض خلايا «اللواء الرابع جبلي» وتنظيم الإخوان، وكأن تعز تُعاد هندستها لتكون خاصرة رخوة، لا مجرد محافظة محاصَرة.

وفي هذا السياق تصبح كل جريمة قتل رسالة سياسية، وكل فوضى أمنية خطوة على طريق تفكيك الدولة وتطبيع حياة اليمنيين مع الرعب.

يا قيادة الدولة... يا مجلس القيادة الرئاسي... يا من بقي فيكم ضميرٌ وطني:

أنقذوا تعز.

أنقذوا التربة.

أنقذوا ما تبقى من رجال الدولة.

لا تتركوا القتلة يُدارون من داخل وحدات يفترض أنها جيش وطني.

ولا تسمحوا بأن تتحول مناطق الحجرية إلى بؤر مسلحة تتحكم بها أجنحة متطرفة تمتلك السلاح والغطاء، وتغتال من تشاء متى تشاء.

الجنوب ينزف... وتعز تُختطف... واليمن كله يدفع الثمن.

فهل من مستجيب؟