للتذكير، فإن تنظيم «القاعدة» كان - ولا يزال - خطراً قائماً، وتهديداً شاخصاً، ولا يعني انصراف الإعلام، أو أغلبه، لدينا، عن متابعة أخباره وكشف مصائبه، أنّه غاب وذاب في بحر الظلمات التاريخي.
«جزيرة العرب» هي من مُستهدفات التنظيم منذ أيام مؤسسه ورمزه الأول أسامة بن لادن وأهمّ دولتين في هذه الجزيرة، بالنسبة للتنظيم، السعودية واليمن.
السعودية لأنها الهدف النهائي لكل تنظيمات الأصولية المتعسكرة، سُنيّة وشيعية، بسبب كونها نبع الإسلام ومهبط الوحي وأرض الحرمين، علاوة على قيمتها الرمزية العربية وجاذبيتها التاريخية، ووزنها الاقتصادي والاستراتيجي العالمي.
اليمن بسبب كونه، تاريخياً، معقلاً للتنظيمات والجماعات المتطرفة الهاربة من المركز، منذ أيام الدعوات الإسماعلية، إلى الإمامات الزيدية، إلى تنظيمات «القاعدة» من لحظة ولادتها، وكيف كان ينظر أسامة بن لادن إلى قيمة اليمن الكُبرى للتنظيم.
اليوم وعلى ذكر الزيدية - أقصد المتطرفة منها - المتطرفة بنسختها الحوثية، وذكر تنظيم «القاعدة»، يحسنُ الالتفات لهذا الخبر «الجديد» الذي يقول إن غارات أميركية في بلدة خورة بمديرية (مرخة) السفلى بمحافظة شبوة جنوب شرقي اليمن، شُنّت في وقت متأخر، ليلة الأحد الماضي.
موقع خورة، الذي يقع على بعد أكثر من 120 كيلومتراً من مركز شبوة، ويجاور حدود محافظة البيضاء، يُعتبر جزءاً مما وصفه مراقبون بـ«مثلث التخادم» كما جاء في تعليق «العربية نت» على الخبر.
تشترك مناطق وعرة بين شبوة وأبين والبيضاء في تقديم ملاذ آمن لعناصر القاعدة، بمساندة لوجيستية وتقنية من الميليشيا الحوثية، وفق موقع «نيوزيمن» الإخباري المحلي.
مراقبون، في ذاكم التقرير، يؤكدون أن التعاون غير المعلن بين الحوثيين والقاعدة في «مثلث التخادم» هذا يُشكّل تهديداً مستمراً للأمن الإقليمي؛ إذ يُوفّر للتنظيم الإرهابي ملاذات آمنة وسط كهوف وجبال وعرة، ويجعل أي محاولة لدخول القوات المسلحة إلى هذه المواقع محفوفة بالمخاطر، ويعادل حسب وصف المصادر إعلاناً انتحارياً.
ضعوا هذا «التخادم» بين الحوثيين والقاعدة في المناطق الجنوبية الوعرة، شبوة وغيرها، مع «التخادم» بين الحوثي وتنظيم «الشباب» في الصومال (القاعدة بصورتها الصومالية)، وهذه الأخيرة وتنظيم «القاعدة» نفسه في اليمن.
بعد هزيمة القاعدة في السعودية أيام (العييري والمقرن وصالح العوفي) وغيرهم، في السعودية، نقل التنظيم مركزه إلى اليمن، وفيه عناصر سعودية إلى اليوم، وأهدافه الشرّيرة ضد السعودية لم تضمحلّ، وعليه فإن الانتباه إلى هذه المخاطر، من عزائم الأمور، أمنياً وسياسياً وإعلامياً... والأهم دراسة ومتابعة هذه الأخطار وتطوّرها، كما يتابع الطبيب مع «الحالة» التي أمامه كل حين وحين وعدم الاكتفاء بالجلسة الأولى... وصحّة الأذهان والأوطان مثل صحّة الأبدان، أو أعظم.
*نقلا عن صحيفة "الشرق الأوسط"
>
