الغذاء العالمي يوقف توزيع المساعدات في مناطق الحوثيين ويدق ناقوس الخطر
إقتصاد - Wednesday 24 September 2025 الساعة 06:20 pm
دخلت الأزمة الإنسانية في اليمن مرحلة هي الأخطر منذ سنوات، بعدما أعلن برنامج الأغذية العالمي (WFP) وقف أنشطته الإنسانية في مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة احتجاز مسلّحين محليين 15 موظفًا أمميًا—بينهم كوادر من البرنامج—منذ 31 أغسطس/آب 2025. هذا التوقّف يهدّد بترك ملايين اليمنيين من دون غذاء، في وقت يؤكد فيه البرنامج أن البلاد تقف على حافة مجاعة غير مسبوقة ما لم يتحرّك المجتمع الدولي سريعًا.
وجاء قرار إيقاف المساعدات بعد سلسلة حوادث أمنية في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة للحوثيين، أبرزها اعتقال موظفين أمميين وفرض قيود على تحركات فرق الإغاثة. وطالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والمديرة التنفيذية للبرنامج سيندي ماكين بالإفراج الفوري عن المحتجزين بلا شروط، محذّرين من أن استمرار هذه الإجراءات “سيقوّض بالكامل القدرة على إنقاذ الأرواح في اليمن”.
في تقريره الصادر 18 سبتمبر/أيلول 2025، كشف برنامج الأغذية العالمي أن نحو 70 في المئة من السكان—أي 18.1 مليون شخص—يعانون انعدام أمن غذائي حاد، بينهم أكثر من 41 ألف شخص في المرحلة الخامسة (كارثية) من التصنيف الدولي، وهي مرحلة تعني وقوع مجاعة فعلية. وأكد التقرير أن هذه الأرقام تمثل أعلى مستوى للجوع في اليمن منذ أربع سنوات، مشيرًا إلى أن أي انقطاع إضافي في الإمدادات سيضاعف المعاناة.
ويواجه البرنامج عجزًا تمويليًا يقدر بـ 432 مليون دولار للأشهر الستة المقبلة، أي ما يعادل 77% من متطلبات خطته التشغيلية، الأمر الذي دفعه بالفعل إلى تقليص حجم المساعدات في بعض المناطق قبل قرار الإيقاف الكامل في الشمال. ويحذّر مسؤولو البرنامج من أن نقص التمويل، إلى جانب القيود الأمنية، “سيفرض تقليصات أوسع قد تمس حتى المناطق غير الخاضعة للحوثيين”.
ورغم العراقيل، تمكن البرنامج خلال أغسطس/آب من إيصال مساعدات غذائية طارئة إلى 3 ملايين شخص في عموم البلاد، إضافة إلى دعم تغذوي لأكثر من 112 ألف طفل وامرأة حامل ومرضعة، وبرامج تحويلات نقدية بلغت 900 ألف دولار استفاد منها نحو 43 ألف شخص. لكن التقرير أوضح أن برنامج التغذية المدرسية متوقف كليًا، وأن برامج الصمود وسبل العيش تعمل “بقدرة منخفضة للغاية”.
ومواجهة هذا الوضع، أطلق برنامج الأغذية العالمي استراتيجية 2026–2028 للتعافي والقدرة على مواجهة المناخ، وتهدف إلى إعادة بناء النظم الغذائية المحلية وتوفير سبل عيش مستقرة تقلل الاعتماد على المساعدات الطارئة، غير أن التنفيذ مرهون بتأمين التمويل ورفع القيود الأمنية.
وحذر خبراء إنسانيون من أن استمرار توقف المساعدات في مناطق الحوثيين سيقود إلى تدهور سريع في معدلات الجوع، خصوصًا في شمال اليمن المكتظ بالسكان، ما قد يفاقم موجات النزوح ويزيد الضغط على المناطق الجنوبية التي تعاني أصلًا من شح الموارد.
ويختتم التقرير بدعوة عاجلة إلى تحرك دولي فوري، سواء عبر الضغط على الحوثيين لإطلاق سراح الموظفين الأمميين والسماح بعودة فرق الإغاثة، أو عبر توفير التمويل اللازم لتجنب مجاعة واسعة النطاق. وفي ظل غياب استجابة عاجلة، تبقى حياة ملايين اليمنيين معلّقة على خيط رفيع، فيما يوشك اليمن على دخول فصل جديد من أسوأ أزماته الإنسانية منذ اندلاع الحرب.