مدامهات وتشديد رقابة.. أبين تتحرك بحزم لتجفيف منابع تهريب المهاجرين الأفارقة

الجنوب - منذ 4 ساعات و 31 دقيقة
أبين، نيوزيمن، خاص:

تصعيد أمني لافت يعكس حجم التحدي الذي تواجهه محافظة أبين جراء ظاهرة تهريب المهاجرين غير الشرعيين، حيث كثفت الأجهزة الأمنية بالمحافظة عملياتها الميدانية لضرب شبكات التهريب وإحكام السيطرة على الشريط الساحلي، في خطوة تهدف إلى إنهاء واحدة من أخطر الظواهر الأمنية والإنسانية التي تنامت خلال السنوات الأخيرة.

التحرك الأخير جاء مدفوعًا بتداعيات مأساوية، أبرزها حادثة الغرق قبالة ساحل مدينة شقرة مطلع أغسطس الجاري، والتي أودت بحياة العشرات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي، في مشهد صادم أعاد تسليط الضوء على المسارات البحرية الخطيرة التي يسلكها هؤلاء، والشبكات الإجرامية التي تستغل معاناتهم لتحقيق أرباح طائلة.

إدارة أمن أبين أصدرت،الثلاثاء، بيانًا حازمًا أكدت فيه أنها ستتخذ إجراءات صارمة ضد كل من يثبت تورطه في نقل أو تهريب المهاجرين، وتشمل هذه الإجراءات مصادرة وسائل النقل المستخدمة، سواء كانت سيارات أو قوارب أو أي أدوات أخرى، استنادًا إلى القوانين النافذة، وبهدف ردع المهربين ومن يقف خلفهم. كما شددت على أن حملات الرصد والملاحقة ستستمر حتى تفكيك هذه الشبكات بالكامل، مع التأكيد على أن أمن المحافظة واستقرارها لن يُساوما أمام هذه الأنشطة الإجرامية.

البيان وجّه أيضًا دعوة واضحة للأهالي بضرورة التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه أو تجمعات للمهاجرين، محذرًا من التستر على المهربين أو تقديم أي شكل من أشكال الدعم لهم.

وعلى الأرض، شهدت الأيام الماضية تنفيذ حملة أمنية واسعة قادتها قوات الأمن العام والحزام الأمني ومحور أبين القتالي، تم خلالها السيطرة على عدد من المواقع التي كان يستخدمها المهربون كمراكز إيواء للمهاجرين، في مناطق تمحن، والكسارة، والحجلة بمدينة شقرة، إضافة إلى موقع ساحلي في مديرية أحور. كما شملت الحملة إخلاء مخيم يضم مهاجرين غرب مديرية لودر، حيث جرى التعامل مع المهاجرين بطريقة إنسانية، قبل إنهاء تواجدهم في الموقع بشكل كامل.

مدير أمن أبين، العميد علي ناصر بوزيد، أكد أن الحملة لن تتوقف عند حدود المديريات الساحلية، بل ستتوسع لتشمل المنطقة الوسطى ومديرية المحفد، في إطار خطة أمنية متكاملة لتجفيف منابع التهريب، مشددًا على ضرورة تكاتف الجهود المحلية والإقليمية والدولية لحماية المياه الإقليمية ووقف تدفق المهاجرين.

كما حذرت الأجهزة الأمنية بشكل واضح من مغبة التعامل مع المهربين، مشيرة إلى أن عددًا من المسلحين الذين كانوا يوفرون الحماية لمعسكرات المهاجرين قد تم القبض عليهم وإيداعهم السجن، في رسالة قوية بأن أي تورط في هذا الملف ستكون عواقبه وخيمة.

ويرى مراقبون أن هذا التحرك الأمني في أبين، إذا ما استمر بالزخم الحالي، قد يشكل نقطة تحول في معركة مكافحة تهريب المهاجرين، خاصة إذا ترافق مع دعم إقليمي ودولي يحد من نشاط المهربين في البحر، ويغلق أمامهم منافذ العبور إلى السواحل اليمنية.

عبّر الناشط الحقوقي أبو إلياس الكازمي عبر صفحته في فيسبوك عن حجم المعاناة التي شهدتها سواحل أبين، حيث قال: "انتشلت قوات الأمن جثثًا كثيرة لمهاجرين أفارقة من عرض البحر قبالة سواحل شقرة في أبين. مشاهد مؤلمة لجثث هامدة لمهاجرين، في عمل لا يمكن وصفه إلا بأنه غير أخلاقي وإنساني، تقوم به شبكات قراصنة تهريب المهاجرين أو تجار البشر، إن صح التعبير."

وأضاف الكازمي أن الحملة الأمنية المشتركة التي انطلقت في اليوم التالي بقيادة العميد أبو مشعل الكازمي، مدير أمن المحافظة، استهدفت مداهمة أوكار شكلت معسكرات للمهربين في المنطقة. كانت هذه الأوكار تُستخدم لتجميع المهاجرين قبل ترحيلهم إلى جهات مجهولة.

وأوضح أن القوات الأمنية نفذت عمليات تمشيط ومسح شاملة لهذه الأوكار، وتم نقل من تبقى من المهاجرين إلى أماكن آمنة شرق المحافظة لترتيب إعادتهم إلى أوطانهم بطرق قانونية وإنسانية، مع تشكيل لجنة مختصة بهذا الشأن.

وأشار إلى توجيه قيادة مصلحة خفر السواحل بزيادة الانتشار المكثف في البحر وعلى طول الشريط الساحلي، بهدف الحد من هذه الظاهرة وإنقاذ أرواح المهاجرين من الموت المحتم، الذي ينتظرهم بسبب الطرق العبثية وغير المسؤولة التي يستخدمها تجار البشر لنقلهم.

وختم الكازمي تصريحه بالتأكيد على أن تعامل الأجهزة الأمنية جاء من منطلق إنساني وأخلاقي، قائلاً: "لم نعتد على أحد، بل تعاملنا مع الموقف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه."